وخلاصة ذلك: أنهم بعدوا في الضلال وأمعنوا في الكفر بالله مع وضوح الآيات الدالة على قدرته الباهرة وحكمته البالغة، وأنه هو الحقيق بأن يرجى ثوابه ويخشى عقابه. وقرأ السلمي شاذًا (١): ﴿ألم ترْ﴾ - بسكون الراء - ووجهه أنه أجري الوصل مجرى الوقف، وفيه توجيه آخر؛ وهو أنَّ (ترى) حذفت العرب ألفها في قولهم: قام القوم ولو تر ما زيد، كما حذفت ياء (لا أبالي) في (لا أبال)، فلما دخل الجازم تخيل أن الراء هي آخر الكلمة، فسكنت للجازم، كما قالوا في لا أبالي: "لم أبل" تخيلوا اللام آخر الكلمة. وقرأ الأخوان حمزة والكسائي وخلف العاشر: ﴿خالق﴾ اسم فاعل ﴿والأرضِ﴾ بالخفض. وقرأ باقي العشرة: ﴿خَلَقَ﴾ فعلًا ماضيًا و ﴿وَالْأَرْضَ﴾ بالفتح.
٢١ - ﴿وَبَرَزُوا﴾؛ أي: برزت الخلائق كلها برها وفاجرها ﴿لِلَّهِ﴾ الواحد القهار حالة كونهم ﴿جَمِيعًا﴾؛ أي: مجتمعين في براز من الأرض وصعيد واحد، وهو المكان الذي ليس فيه شيء يستر أحدًا؛ أي: خرج الموتى من قبورهم يوم القيامة واجتمعوا في أرض المحشر للقاء الله ومحاسبته على أعمالهم عند النفخة الثانية حين تنتهي مدة لبثهم في بطن الأرض. وقرأ زيد بن علي في الشاذ (٢): ﴿وبُرِّزوا﴾ - مبنيًّا للمفعول وبتشديد الراء - من برز المضعف.
﴿فَقَالَ الضُّعَفَاءُ﴾ في الرأي وهم السفلة ﴿لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا﴾ عن عبادة الله وهم أكابرهم ﴿إِنَّا كُنَّا﴾ في الدنيا ﴿لَكُمْ تَبَعًا﴾ في تكذيب الرسل والإعراض عن نصيحتهم؛ أي: فقال الأتباع لقادتهم وسادتهم الذين استكبروا عن عبادة الله تعالى وحده وعن اتباع الرسل، وصدوا عنهما: إنا كنا تابعين لكم في الدنيا تأمروننا فنأتمر وتنهوننا فننتهي ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا﴾؛ أي: دافعون عنا في هذا اليوم ﴿مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ﴾؛ أي: بعض شيء من عذاب الله، فـ ﴿مِنْ﴾ (٣) الأولى للبيان واقعة موقع الحال قدمت على صاحبها؛ لكونه نكرة، والثانية
(٢) البحر المحيط.
(٣) الخازن.