وراء هنا بمعنى بعد، ومنه قول النابغة:
حَلَفْتُ فَلَمْ أَتْرُكْ لِنَفْسِكَ رِيْبَةً | وَلَيْس وَرَاءَ الله لِلْمَرْءِ مَذْهَبُ |
وَمِنْ وَرَائِكَ يَوْمٌ أَنْتَ بَالِغُهُ | لاَ حَاضِرٌ مُعْجِزٌ عَنْهُ وَلاَ بَادِيْ |
﴿صَدِيدٍ﴾: هو ما يسيل من جوف أهل النار مختلطًا بالقيح والدم. وقال محمد بن كعب القرظي: هو ما يسيل من فروج الزناة يسقاه الكافر.
﴿يَتَجَرَّعُهُ﴾؛ أي: يكلف (١) على جرعه وبلعه مرة بعد مرة، وتجرع من باب تفعل الخماسي، وفيه احتمالات:
أحدها: أنه مطاوع جرعته بالتشديد، نحو علمته فتعلم.
والثاني: أن يكون للتكلف نحو تحلم؛ أي: يتكلف جرعه، ولم يذكر الزمخشري غيره. ومعنى التكلف أن الفاعل يتعافى ذلك الفعل ليحصل بمعاناته، كتشجع، إذ معناه: استعمل الشجاعة وكلف نفسه إياها لتحصل. ذكره في "روح البيان".
والثالث: أنه دال على المهلة نحو تفهمته؛ أي: يتناوله شيئًا فشيئًا بالجرع، كما يتفهم شيئًا فشيئًا بالتفهيم.
والرابع: أنه بمعنى جرعه المجرد نحو: عدوت الشيء وتعديته. اهـ. "سمين".
﴿وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ﴾؛ أي: ولا يقارب أن يسيغه فضلًا عن الإساغة، بل يغض به، والسواغ انحدار الشراب في الخلق بسهولة وقبول نفس، يقال: ساغ
(١) الفتوحات.