لا قوة في قلبه ولا جراءة. وقيل: جوف لا عقول لهم.
ومعنى الآية (١): إن أفئدتهم خالية فارغة لا تعي شيئًا ولا تعقل من شدة الخوف. وفي "الكواشي": تلخيصه: الأبصار شاخصة، والرؤوس مقنعة، والقلوب فارغة زائلة لهول ذلك اليوم، ثبتنا الله وإياكم فيه، والآية تسلية لرسول الله - ﷺ -، وتعزية للمظلوم، وتهديد للظالم، وحصول هذه الصفات الخمسة عند المحاسبة.
٤٤ - ثم ذكر مقالتهم حين يرون هذا الهول وما فيه من العذاب، فقال: ﴿وَأَنْذِرِ النَّاسَ﴾؛ أي: خوف الناس جميعًا يا محمد ﴿يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ﴾؛ أي: خوفهم من عذاب يوم يأتيهم العذاب؛ أي: خوفهم هذا اليوم، وهو يوم القيامة؛ لأنه يوم إتيان العذاب، وإنما (٢) اقتصر على ذكر إتيان العذاب فيه مع كونه يوم إتيان الثواب؛ لأن المقام مقام تهديد. وقيل: المراد به يوم موتهم، فإنه أول أوقات إتيان العذاب حيث يعذبون بالسكرات. وقيل: المراد يوم هلاكهم بالعذاب العاجل، والأول أولى، وهذا الإنذار للكفرة أصالة، وللمؤمنين تبعية، وإن لم يكونوا معذبين، وانتصاب ﴿يَوْمَ﴾ على أنه مفعول ثان لـ ﴿وَأَنْذِرِ﴾. ﴿فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ منهم بالشرك والتكذيب. قيل: المراد بـ ﴿الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ هنا هم الناس المذكورون؛ أي: فيقولون، والعدول من الإضمار إلى الإظهار للإشعار بأن الظلم هو العلة فيما نزل بهم، هذا إذا كان المراد بالناس هم الكفار، وعلى تقدير كون المراد بهم من يعم المسلمين، فالمعنى: فيقول الذين ظلموا منهم؛ وهم الكفار. ﴿رَبَّنَا﴾ ويا مالك أمرنا ردنا إلى الدنيا و ﴿أَخِّرْنَا﴾؛ أي: أمهلنا ﴿إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ﴾؛ أي: إلى أمد من الزمان معلوم غير بعيد. قال بعضهم: لعل في التركيب تضمينًا كما أشرنا إليه، والتقدير: ردنا إلى ذي أجل قريب؛ أي: قليل وهو الدنيا مؤخّرًا عذابنا، أو المعنى: أخر آجالنا وأبقنا مقدار ما نؤمن بك ونجيب دعوتك. وقوله: ﴿نُجِبْ دَعْوَتَكَ﴾ جواب الأمر؛ أي: إن أخرتنا نجب دعوتك لعبادك على ألسنة رسلك إلى توحيدك وطاعتك. ﴿وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ﴾ المرسلين منك إلينا، فنعمل بما بلغوه إلينا من شرائعك، ونتدارك ما فرط منا من الإهمال، وإنما جمع الرسل؛
(٢) الشوكاني.