وجود الإله القادر الحكيم على أحسن ترتيب وأكمل نظام، وكان في ذلك تفصيل وإيضاح لأنواع النعم، ووجوه الإحسان، وأردف ذلك بتبكيت الكفار، وإبطال شركهم وعبادتهم غير الله من الأصنام والأوثان، لما يلزم ذلك من المشابهة بينه تعالى وبينها، ثم أردف ذلك بيان أن لهذا الخالق نعمًا لا تحصى على عباده، وأنهم مهما بالغوا في الشكر واجتهدوا في العبادة.. فليسوا ببالغين شيئًا مما يجب عليهم نحوه، ولكنه يستر عليهم ما فرط من كفرانها، ويرحمهم بفيض النعم عليهم، مع عدم استحقاقهم لها، ثم أعقب هذا بذكر خواص الألوهية، وهي علم السر والنجوى والخلق، وهذه الأصنام ليس لها شيء من ذلك فهي مخلوقة لا خالقة، ولا شعور لها بحشر ولا نشر، ومن هذا كله يعلم أن الإله واحد لا شريك له، ثم ذكر الأسباب الداعية إلى الإشراك، وهي تحجر القلوب وإنكار التوحيد، فهي لا ترغب في الثواب ولا ترهب العقاب، وتستكبر عن عبادة الواحد الديان، لا جرم بقيت مصرة على ما كانت عليه من الجهل والضلال.
أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ...﴾ الآية، سبب نزولها (١): أنه لما نزل قوله تعالى: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١)﴾.. قال الكفار بعضهم لبعض: إن هذا يزعم أن القيامة قد اقتربت، فأمسكوا عن بعض ما كنتم تعلمون حتى ننظر، فلما رأوا أنه لا ينزل شيء.. قالوا ما نرى شيئًا، فأنزل الله تعالى: ﴿اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ﴾ فأشفقوا، وارتقبوا قرب الساعة، فلما امتدت الأيام.. قالوا: يا محمد ما نرى شيئًا مما تخوفنا به، فأنزل الله تعالى: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ﴾ فوثب رسول الله - ﷺ -، ورفع الناس رؤوسهم، ونزل: ﴿فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ فاطمأنوا، قاله ابن عباس رضي الله عنهما.
وأخرج (٢) ابن مردويه عن ابن عباس قال: لما نزلت: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ﴾. ذعر
(٢) لباب النقول.