﴿إيَّان﴾ بكسر الهمزة، وهي لغة قومه سليم.
٢٢ - ولمَّا أبطل (١) طريق عبدة الأصنام، وبين فساد مذهبهم.. صرح بالمدعى، ولخص النتيجة بعد إقامة الحجة فقال: ﴿إِلَهُكُمْ﴾؛ أي: معبودكم الذي يستحق العبادة، وإفراد الطاعة له دون سائر الأشياء ﴿إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾؛ أي: معبود واحد، لا تصلح العبادة إلا له، فأفردوا له الطاعة، وأخلصوا له العبادة، ولا تجعلوا معه شريكًا سواه، ثم ذكر الأسباب التي لأجلها أصر الكفار على الشرك وإنكار التوحيد فقال: ﴿فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ﴾ وأحوالها من البعث والجزاء وغير ذلك؛ أي: فالذين لا يصدقون بوعد الله ووعيده، ولا يقرون بالمعاد إليه بعد الممات ﴿قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ﴾؛ أي: جاحدة لما قصصناه عليكم من قدرة الله وعظمته، وجزيل نعمه عليهم، وأن العبادة لا تصلح إلَّا له، والألوهية ليست لشيء سواه، فلا يؤثر فيها وعظ ولا ينجع فيها تذكير ﴿وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ﴾ عن قبول الحق، متعظمون عن الإذعان للصواب، مستمرون على الجحد، تقليدًا لما مضى عليه آباؤهم من الشرك به، كما حكى سبحانه عنهم قولهم: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ﴾، ﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ وقال: ﴿وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٥)﴾ والمعنى؛ أي: وهم قوم لا يزال الاستكبار عن اعتراف الوحدانية والتعظيم عن قبول الحق دأبهم، كما أن الإنكار سجيتهم.
٢٣ - ثم ذكر وعيدهم على أعمالهم فقال: ﴿لَا جَرَمَ﴾ كلمة مركبة من كلمتين حرفٍ وفعلٍ، فقد ركبت لا مع جرم وجعل كلمةً واحدة، وتلك الكلمة مصدر بمعنى حقًّا، أو فعل بمعنى حقَّ وثبت، وقوله ﴿أَنَّ اللَّهَ﴾ إلخ فاعل بفعل ذلك المصدر المأخوذ من لا جرم، وذلك المصدر منصوب على المفعولية المطلقة؛ أي: حقَّ حقًّا وثبت ثبوتًا ﴿أَنَّ اللَّهَ﴾ سبحانه وتعالى ﴿يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ﴾ عنك من أقوالهم وأفعالهم ﴿وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ من ذلك؛ أي: حق وثبت أن الله يعلم ما

(١) المراغي.


الصفحة التالية
Icon