متكلم وسامع، ولم يقل على ظهرها احترازًا من الجمع بين الظاءين في كلام واحد، وهو ﴿لَوْ﴾ وجوابه، فإنه ثقيل في كلام العرب.
والمعنى: أي ولو يؤاخذ الله كفار بني آدم وعصاتهم بكفرهم ومعاصيهم.. ما ترك على ظهر الأرض دابةً تدب عليها، بل أهلكها بالكلية، بشؤم ظلم الظالمين، كقوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾ فهلاك الدواب بآجالها، وهلاك الناس عقوبة.
وأخرج البيهقي وغيره عن أبي هريرة أنه سمع رجلًا يقول: إنّ الظالم لا يضر إلا نفسه، فقال: لا والله، بل إن الحبارى في وكرها لتموت من ظلم الظالم.
وعن ابن مسعود - رضي الله عنه -: لو عذب الله الخلائق بذنوب بني آدم.. لأصاب العذاب جميع الخلائق، حتى الجُعْلان في جحرها، ولأمسكت السماء عن الإمطار، ولكن أخرهم بالعفو والفضل، ثم تلا هذه الآية.
﴿وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ﴾؛ أي: ولكن بحلمه يؤخر هؤلاء الظلمة الكفرة، فلا يعاجلهم بالعقوبة، بل يمهلهم ﴿إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾؛ أي: إلى أجل معين معلوم، سماه الله وعينه لعذابهم أو لأعمارهم؛ كي يكثر عذابهم، أو يتوالدوا ويتناسلوا ﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ﴾ المسمى ﴿لَا يَسْتَأْخِرُونَ﴾ عن ذلك الأجل؛ أي: لا يستأخرون، وصيغة استفعل هنا للإشعار بعجزهم عنه مع طلبهم له، ﴿سَاعَةً﴾؛ أي: أقصر وقت، وهو مثل في القلة، ﴿وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ عليه ساعة؛ أي: لا يتقدمون عليه، وإنما (١) تعرض لذكره مع أنه لا يتصور الاستقدام عند مجيء الأجل مبالغة في عدم الاستئخار بنظمه في سلك ما يمتنع.
والمعنى: فإذا جاء الوقت الذي وقت لهلاكهم.. لا يتأخرون عن الهلاك ساعة فيمهلون، ولا يتقدمون قبله، حتى يستوفوا أعمارهم،
٦٢ - ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلَّه﴾ سبحانه