عزت أو هانت محذورٌ عظيمٌ، فكيف بأقدامٍ كثيرةٍ؛ أي: فتزلوا عن طاعة الله، فإن من نقض عهد الإِسلام فقد سقط عن الدرجات العالية، ووقع في الضلالة.
﴿وَتَذُوقُوا السُّوءَ﴾؛ أي: العذاب السيء في الدنيا ﴿بِمَا صَدَدْتُمْ﴾؛ أي: بصدودكم وخروجكم أو بصدكم ومنعكم غيركم ﴿عَنْ سَبِيلِ اللهِ﴾ الذي ينتظم بالوفاء بالعهود والإيمان، فإن من نقض البيعة وارتد جعل ذلك سنةً لغيره، ﴿وَلَكُمْ﴾ في الآخرة ﴿عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾؛ أي: شديد بنقضكم العهد.
ومعنى الآية: أي (١) ولا تجعلوا أيمانكم خديعة تغرون بها الناس، والمراد نهي المخاطبين بذلك الخطاب عن نقض أيمان مخصوصة أقدموا عليها، ذلك أنهم بايعوا رسول الله - على الله عليه وسلم - على الإِسلام.
وحلفوا على ذلك أوكد الإيمان، ثم نقضوا ما فعلوا لقلة أهله وكثرة أهل الشرك، فنهوا عن ذلك.
قوله: ﴿فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا﴾ الآية؛ أي: إنكم بعملكم هذا النقض تكونون قد وقعتم في محظورات ثلاثة:
١ - أنكم تضلون وتبعدون عن محجة الحق والهدى بعد أن رسخت أقدامكم فيها.
٢ - أنكم تكونوا قدوة لسواكم، وتستنون سنةً لغيركم فيها صد عن سبيل الحق، ويكون لكم بها سوء العذاب في الدنيا بالقتل والأسر وسلب الأموال والجلاء عن الديار.
٣ - أنكم ستعاقبون في الآخرة أشد العقاب جزاء ما اجترحتم من مجانفة الحق والإعراض عن أهله، والدخول في زمرة أهل الشقاء والضلال.
٩٥ - ثم أكد هذا التحذير بقوله: ﴿وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ﴾؛ أي: لا تأخذوا بمقابلة عهده تعالى وبيعة رسوله - على الله عليه وسلم - ﴿ثَمَنًا قَلِيلًا﴾، من الدنيا؛ أي: لا تستبدلوا بها عوضًا يسيرًا؛ أي: لا تأخذوا في مقابلة نقضه عوضًا حقيرًا، وهو ما كانت قريش يعدون

(١) المراغي.


الصفحة التالية
Icon