﴿وَهُمْ ظَالِمُونَ﴾؛ أي: والحال أنهم ظالمون بالكفران والتكذيب، حيث جعلوا الأول موضع الشكر والثاني موضع التصديق، وفي هذا إيماء (١) إلى تماديهم في الكفر والعناد، وإلى أن ترتب العذاب على التكذيب جري على سنة الله تعالى كما قال: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾، وهكذا حال أهل مكة فإنهم كانوا في حرم آمن يتخطف الناس من حولهم، ولا يمر بهم طيف من الخوف، ولا يزعج قلوبهم مزعج، وكانت تجبى إليهم ثمرات كل شيء، من جميع الأقطار من بر وبحر، فلا يحتاجون إلى الانتقال عنها بسبب ضيق الرزق، قال بعضهم من بحر الرجز:
ثَلاَثَةٌ لَيْسَ لَهَا نِهَايَه | الأَمْنُ والصِحَّةُ والكفايَة |
١١٤ - ثم لمَّا (٢) وعظهم الله سبحانه بما ذكره من حال أهل القرية المذكورة.. أمرهم أن يأكلوا مما رزقهم الله من الغنائم وغيرها، وجاء بالفاء للإشعار بأن ذلك متسبِّب عن ترك الكفر، فقال: ﴿فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ﴾ والفاء فيه فاء الفصيحة، والخطاب للمؤمنين على الراجح؛ أي: إذا عرفتم أيها المؤمنين ما حلَّ
(١) المراغي.
(٢) الشوكاني.
(٢) الشوكاني.