وذكر ما قَضَى عليهم فيها من التسليط عليهم بذنوبهم، كان - ذلك رادعًا لمن عقل عن معاصي الله، فذكر ما شرف الله به رسوله محمدًا - ﷺ - من القرآن الناسخ لحكم التوراة، وكل كتاب إلهي، وأنه يهدي للطريقة أو الحالة التي هي أقوم -.
قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ...﴾ الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنّ الله سبحانه وتعالى لما ذكر الهداية، والإرشاد بالقرآن الكريم.. قفّى على ذلك بالاستدلال بالآيات، والدلائل التي في الآفاق، وهي برهان نيّر لا ريب فيه، وطريق بيّن لا يضل من ينتحيه.
قوله تعالى: ﴿وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها (١): أنّ الله سبحانه وتعالى لمّا بين فيما سلف حال كتابه الذي يحوي النافع والضارّ من الأعمال، مما يكون به سعادة الإنسان، وشقاؤه في دينه ودنياه.. قفى على ذلك بذكر حال كتاب المرء، وأنه لا يغادر صغيرة ولا كبيرة من أعماله إلّا أحصاها، وأن حسنها وقبحها تابع لأخذه بما في الكتاب الأول، أو تركه لذاك، فمن أخذ به اهتدى، ومنفعة ذلك عائدة إليه، ومن أعرض عنه ضل وغوى، ووبال ذلك راجع عليه، ثم أكد عنايته بعباده، وأنه لا يعاقب أحدًا منهم إلا إذا أرسل الرسل يبلِّغون رسالات ربهم رحمة بهم، ورأفة عليهم.
أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا...﴾ الآية، قال أبو القاسم سليمان الأنصاري (٢): لما وصل محمد - ﷺ - إلى الدرجات العالية، والمراتب الرفيعة، في المعارج أوحى الله إليه يا محمد، بم شرفك الله سبحانه وتعالى؟ قال: «يا رب بنسبتي إليك بالعبودية» فأنزل الله فيه ﴿سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ...﴾ الآية انتهى.
قوله تعالى: ﴿وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى...﴾ الآية، سبب نزولها: ما

(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon