وأما قولك جاء وحده: فوحده حال من فاعل جاء المستتر فيه، وهو معرفة بالإضافة إلى الضمير، فيؤوّل بنكرة من لفظه، أو من معناه؛ أي: متوحدًا، أو منفردًا، وتقول: مررت به وحده، ومررت بهم وحدهم، فوحده مصدر في موضع الحال، كأنه في معنى إيحاد جاء على حذف الزوائد، كأنك قلت أوحدته بمروري إيحادا، أو إيحاد في معنى موحد؛ أي: منفرد فإذا قلت مررت به، وحده فكأنّك قلت: مررت به منفردًا، ويحتمل عند سيبويه أن يكون للفاعل والمفعول.
﴿حِجابًا مَسْتُورًا﴾ الحجاب والحجب: المنع من الوصول إلى الشيء، والمراد الحاجب والمستور، أي: الساتر كما جاء عكسه من نحو ﴿ماءٍ دافِقٍ﴾، أي: مدفوق فاسم المفعول بمعنى اسم الفاعل ﴿أَكِنَّةً﴾ والأكنة الأغطية واحدها كنان ﴿وَقْرًا﴾ والوقر الصّمم، والثّقل في الآذان المانع من السماع، ﴿نُفُورًا﴾ مفعول مطلق لـ ﴿وَلَّوْا﴾ لتفاوت معناهما، لأن النفور الإدبار مع الانزعاج، ويجوز أن يكون جمع نافر كقاعد، وقعود وشاهد وشهود، اهـ من «الشهاب» و «البيضاوي» ﴿مَسْحُورًا﴾؛ أي: مخبول العقل فهو كقوله: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ﴾ ﴿فَضَلُّوا﴾؛ أي: جاروا عن قصد السبيل ﴿رُفاتًا﴾ والرّفات ما تكسّر وبلي من كل شيء، وما بولغ في دقّه، وتفتيته، وهو اسم مفرد لأجزاء ذلك الشيء المفتت، وقال الفرّاء: هو التراب، يؤيده أنه تكرر في القرآن ترابا وعظاما، والرّفات والحطام بمعنى، ويقال: رفت الشيء يرفته بالكسر من باب: ضرب؛ أي: كسره، والفعال يغلب في التفريق، كالحطام والرقاق والفتات، وفي «القاموس» «وتاج العروس»: رفته يرفته بالضم، ويرفته بالكسر إذا كسره ودقه وانكسر واندق وانقطع لازم ومتعد.
﴿فَسَيُنْغِضُونَ﴾؛ أي: يحركون رؤوسهم، في «المختار»: نَغَضَ رأسه من باب نصر، وجلس؛ أي: تحرك وأنغض رأسه حركه كالمتعجب من الشيء، ومنه قوله تعالى: ﴿فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ﴾ ونغض فلان رأسه؛ أي: حركه يتعدى ويلزم اهـ وفي «اللسان يقال: أنغض رأسه ينغضها؛ أي: حركها إلى فوق، وإلى أسفل إنغاضًا فهو منغض، وأمّا نغض ثلاثيًا ينغض بالفتح، وينغض بالضم، فبمعنى


الصفحة التالية
Icon