ج - أن قوله ﴿بِعَبْدِهِ﴾ يدل على مجموع الروح والجسد.
د - أن ابن عباس - رضي الله عنه - قال في قوله: ﴿وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ﴾ هي: رؤيا أريها رسول الله - ﷺ - ليلة أسري به، ويؤيده أن العرب قد تستعمل الرؤيا في المشاهدة الحسية.
ألا ترى إلى قول الراعي يصف صائدا:

وكبّر للرّؤيا وهشّ فؤاده وبشّر قلبا كان جمّا بلابله
هـ - أن الحركة بهذه السرعة ممكنة في نفسها، فقد جاء في القرآن الكريم أنَّ الرِّياح كانت تسير بسليمان عليه السلام إلى المواضع البعيدة، في الأوقات القليلة، فقد قال تعالى في صفة سير سليمان عليه السلام: ﴿غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ﴾، وجاء فيه أن الذي عنده علم من الكتاب أحضر عرش بلقيس من أقصى اليمن إلى أقصى الشام، في مقدار لمح البصر، كما قال تعالى: ﴿قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ﴾، وإذا جاز هذا لدى طائفة من الناس، جاز لدى جميعهم.
ويرى آخرون من الناس أن الإسراء كان بالروح فحسب، ولهم على ذلك حجج:
أ - أن معاوية بن أبي سفيان كان إذا سئل عن مسرى رسول الله - ﷺ - قال: كان رؤيا من الله صادقة، وقد ضعّف هذا بأن معاوية يومئذ، كان من المشركين، فلا يقبل خبره في مثل هذا.
ب - أن بعض آل أبي بكر رضي الله عنه قال: كانت عائشة تقول: ما فقد جسد رسول الله - ﷺ -، ولكن أسري بروحه، ونقدوا هذا بأن عائشة يومئذ كانت صغيرة، ولم تكن زوجا لرسول الله - ﷺ -.
ج - أن الحسن قال في قوله: ﴿وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا...﴾ الآية. إنها رؤيا منام رآها والرؤيا تختص بالنوم.
قال أبو جعفر الطبري: الصواب من القول في ذلك عندنا، أن يقال: إن الله أسرى بعبده محمد - ﷺ - من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى كما أخبر


الصفحة التالية
Icon