أنت صادق في قولك وفعلك.
وقيل المعنى: ﴿وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي﴾ في المدينة ﴿مُدْخَلَ صِدْقٍ﴾، أي: إدخالًا مرضيًا ﴿وَأَخْرِجْنِي﴾ من مكة إلى المدينة ﴿مُخْرَجَ صِدْقٍ﴾؛ أي: إخراجًا مرضيًا، وذلك (١) حين أمر النبي - ﷺ - بالهجرة كما قاله ابن عباس، والحسن، أو المعنى: وأخرجني من المدينة إلى مكة غالبًا عليها بفتحها. وقيل: الأكمل مما سبق أن يقال: ربّ أدخلني في الصلاة، وأخرجني منها مع الصدق والإخلاص، وحضور قلبي بذكرك، ومع القيام بلوازم شكرك. والأكمل من ذلك أن يقال: رب أدخلني في القيام بأداء مهمات شريعتك، وأخرجني بعد الفراغ منها إخراجا لا يبقى عليّ منها تبعة والأعلى مما سبق أن يقال: رب أدخلني في بحار دلائل توحيدك وتنزيهك، ثم أخرجني من الاشتغال بالدليل إلى ضياء معرفة المدلول، ومن التأمل في آثار حدوث المحدثات إلى الاستغراق في معرفة الفرد المنزه عن التغيرات، وقيل: المعنى رب أدخلني القبر إدخالًا مرضيًا وأخرجني منه عند البعث إخراجًا مرضيًا ملقى بالكرامة.
وخلاصة ذلك (٢): رب أدخلني إدخالًا مرضيًا كإدخالي للمدينة مهاجرًا، وإدخالي مكة فاتحًا، وإدخالي في القبر حين الموت، وأخرجني إخراجًا محفوظًا بالكرامة والرضا، كإخراجي من مكة مهاجرًا، وإخراجي من القبر للبعث.
وقرأ الجمهور (٣): ﴿مُدْخَلَ﴾ و ﴿مُخْرَجَ﴾ بضم ميمهما، وهو مقيس في مصدر أفعل الرباعي نحو أكرمته مكرمًا؛ أي: إكرامًا، وقرأ قتادة، وأبو حيوة، وحميد، وإبراهيم ابن أبي عبلة بفتحهما، وقال صاحب «اللوامح» وهما مصدران من دخل وخرج، لكنه جاء من معنى أدخلني، وأخرجني، المتقدمين دون لفظهما، ومثلهما ﴿أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتًا﴾ ويجوز أن يكونا اسم المكان، وانتصابهما على الظرف، وقال غيره: منصوبان مصدرين على تقدير فعل؛ أي: أدخلني فأدخل مدخل
(٢) المراغي.
(٣) البحر المحيط.