موصوف، ومثلها الحسنة فيما يتقرب به إلى الله تعالى. ﴿إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ﴾ منهم ﴿عَمَلًا﴾ مفعول أحسن، والتنوين فيه للتقليل، والأجر: الجزاء على العمل؛ أي: لا نبطل ثواب من أخلص منهم عملًا، ووضع الظاهر موضع المضمر، إذ حق العبارة أن يقال: إنّا لا نضيع أجرهم، للدلالة على أن الأجر إنما يستحق بالعمل دون العلم، إذ به يستحق ارتفاع الدرجات، والشرف، والرّتب، وقرأ عيسى الثقفي ﴿إنا لا نضيِّع﴾ من ضيع عداه بالتضعيف، والجمهور من أضاع عدوه بالهمزة.
والمعنى: أي (١) إن الذين آمنوا بالحق الذي يوحى إليك، وعملوا ما أمرهم به ربهم، فالله لا يضيع أجرهم على ما أحسنوا من الأعمال، ولا يظلمهم على ذلك نقيرًا ولا قطميرًا،
٣١ - ثمّ بيّن ما أعدّ لهم من النعيم بقوله:
١ - ﴿أُولئِكَ﴾ الموصوفون بالصفات السابقة، ﴿لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ﴾؛ أي: بساتين إقامة وخلود، يعني تخلد هي، ويخلد فيها صاحبها، ويجوز (٢) أن يكون العدن: اسمًا لموضع معين من الجنة، وهو وسطها، وأشرف مكان فيها، وقوله: جنّات لفظ جمع، فيمكن أن يكون المراد ما قاله تعالى: ﴿وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ (٤٦)﴾ ثم قال: ﴿وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ (٦٢)﴾، ويمكن أن يكون نصيب كل واحد من المكلفين جنة على حدة.
٢ - ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ﴾؛ أي: من تحت مساكنهم، وقصورهم ﴿الْأَنْهارُ﴾ الأربعة من الخمر، واللبن، والعسل، والماء العذب، وذلك لأن أفضل البساتين في الدنيا البساتين التي تجري فيها الأنهار؛ أي: إنّه لهم جنات يقيمون فيها، تجري من تحت غرفها الأنهار.
٣ - ﴿يُحَلَّوْنَ فِيها﴾؛ أي: يلبسون في تلك الجنات، وحكى الفراء ﴿يَحْلَوْنَ﴾ بفتح الياء وسكون الحاء، وفتح اللام من حليت المرأة، إذا لبست الحلي، وهي ما تتحلى وتتزين به من ذهب وفضة وغير ذلك من الجواهر. ﴿مِنْ أَساوِرَ﴾ قيل:
(٢) المراغي.