كافر اسمه قطروس، والآخر مؤمن اسمه يهوذا، أو تمليخا، لهما ثمانية آلاف دينار، فاقتسماها فاشترى أحدهما أرضا بألف دينار، فقال صاحبه: اللهم إن فلانًا قد اشترى أرضا بألف دينار، وإني أشتري منك أرضًا في الجنة بألف دينار، فتصدق بها، ثم إن صاحبه بنى دارًا بألف دينار، فقال هذا: اللهمّ إن فلانًا بنى دارًا بألف دينار، وإنّي اشتريت منك دارًا في الجنة، بألف دينار، فتصدّق بها، ثم تزوّج صاحبه امرأة، وأنفق عليها ألف دينار، فقال هذا: اللهمّ إني أخطب إليك امرأةً من نساء الجنة بألف دينار، فتصدّق بها، ثمّ إن صاحبه اشترى خدمًا، ومتاعًا بألف دينار، فقال هذا: اللهم إني أشتري منك خدمًا ومتاعًا في الجنة بألف دينار، فتصدق بها، ثم أصابته حاجة شديدة، فقال: لو أتيت صاحبي لعله ينالني منه معروف، فجلس على طريق، حتى مر به في حشمه، فقام إليه، فنظر إليه صاحبه، فعرفه فقال له: فلان؟ قال: نعم، فقال: ما شأنك؟ قال: أصابتني حاجة بعدك، فأتيتك لتعينني بخير، قال: فما فعلت بمالك؟ فقص عليه قصته، فقال: وإنك لمن المصّدقين، فطرده ووبخه على التصدق بماله، وآل أمرهما إلى ما حكاه الله تعالى فنزل في شأنهما قوله تعالى: ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ﴾؛ أي: واضرب أيها الرسول لهؤلاء المشركين المتقلبين في نعم الله، والمؤمنين المكابدين لمشاق الفقر، مثلا رجلين؛ أي: اجعل مثل الفريقين مثل رجلين ﴿جَعَلْنا لِأَحَدِهِما﴾، وهو الكافر: ﴿جَنَّتَيْنِ﴾؛ أي: بستانين ﴿مِنْ أَعْنابٍ﴾؛ أي: من كروم متنوعة، فإطلاق الأعناب عليها مجاز، ويجوز أن يكون بتقدير المضاف؛ أي: من أشجار أعناب، والأعناب جمع عنب، وهو ثمر الكرم ﴿وَحَفَفْناهُما﴾؛ أي: أحطنا البستانين ﴿بِنَخْلٍ﴾؛ أي: جعلنا النّخل محيطة بالجنتين ملفوفا بها، كرومهما ﴿وَجَعَلْنا بَيْنَهُما﴾؛ أي: وجعلنا وسط البستانين ﴿زَرْعًا﴾ ليكون كل منهما جامعًا للأقوات والفواكه، متواصل العمارة على الشكل الحسن، والترتيب الأنيق.
وخلاصة ذلك (١): أن أرضه جمعت القوت والفواكه، وهي متواصلة

(١) المراغي.


الصفحة التالية
Icon