إشارة إلى أن أفضل أسماء البشرية العبودية، وقال بعضهم: إن عبد الله فوق عبد الرحمن، وهو فوق عبد الرحيم، وهو فوق عبد الكريم، ولذا جعل رسول الله - ﷺ - عبد الله، وكذا عبد الحي وعبد الحق أعلى الأسماء وأمثلها؛ لأن بعض الأسماء الإلهية يدل على الذات، وبعضها على الصفات، وبعضها على الأفعال، والأولى أرفع من الثانية، وهي أرفع من الثالثة.
٢ - ﴿آتَانِيَ الْكِتَابَ﴾؛ أي: الإنجيل؛ أي: حكم لي بإيتائي الكتاب في الأزل، وإن لم يكن قد نزل عليه في تلك الحال، وقيل: إنه آتاه الكتاب في تلك الحال وهو بعيد، والمعنهى: سيؤتيني الكتاب، وسكن ياء ﴿أتَانِيَ﴾ حمزة.
٣ - ﴿وَجَعَلَنِي نَبِيًّا﴾؛ أي: وسيجعلني نبيًا، وفي هذا براءة لأمه؛ لأن الله سبحانه لا يصطفي لنبوته أولاد سفاح.
٤ - ٣١ ﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا﴾؛ أي: نفاعًا للناس، معلمًا للخير آمرًا بالمعروف، ناهيًا عن المنكر ﴿أَيْنَ مَا كُنْتُ﴾؛ أي: في أي مكان كنت فيه؛ أي: سيجعلني نفاعًا للعباد، هاديًا لهم إلى طريق الرشاد في أي مكان كنت فيه، وهذه (١) الأفعال الماضية هي من باب تنزيل ما لم يقع منزلة الواقع، تنبيهًا على تحقق وقوعه، لكونه قد سبق في القضاء المبرم.
٥ - ﴿وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ﴾؛ أي: أمرني بأدائها في وقتها المحدد، أمرًا مؤكداً ما دمت حيًا، إذ في إقامتها وإدامتها على الوجه الذي سنه الدين تطهر النفوس من الأرجاس، ومنع لها من ارتكاب الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ﴿وَ﴾ أمرني بـ ﴿الزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا﴾ في الدنيا؛ أي: وأمرني بإعطاء جزء من المال للبائس والمحتاج ما دمت حيًا في الدنيا، لما في ذلك من تطهر المال، وقال بعضهم: والظاهر (٢) أن إيصاءه بها لا يستلزم غناه، بل هي بالنسبة إلى أغنياء أمته، وعموم الخطابات الإلهية منسوب إلى الأنبياء، تهييجًا للأمة على الائتمار والانتهاء، قيل: المعنى أمرني بأداء الصلاة والزكاة إذا بلغت، وقيل أن أفعلهما
(٢) روح البيان.