﴿رِكْزًا﴾ الركز: الصوت الخفي، ومنه ركز الرمح، إذا غُيِّب طرفه في الأرض، ومنه الركاز وهو المال المدفون.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الاستعارة المكنية في قوله: ﴿أَطَّلَعَ الْغَيْبَ﴾ فقد شبه الغيب المجهول الملثَّم بالأسرار بجبل شامخ، الذرى لا يرقى الطير إلى مداه، فهو مجهول تتحطم عليه آمال الذين يريدون استشفاف آفاقه، وإدراك تهاويله، ثم حذف الجبل؛ أي: المشبه به وأخذ شيئًا من خصائصه ولوازمه وهو: الاطلاع والارتقاء، واستشراف مغيباته والغرض من هذه الاستعارة السخرية البالغة، كأنه يقول: أو بلغ هذا مع حقارته، وتفاهة أمره، وصغار شأنه، أن ارتقى إلى الغيب المحجب بالأسرار، المطلسم بالخفاء. اهـ من "إعراب القرآن".
ومنها: إخراج الخبر على صيغة الأمر في قوله: ﴿فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ﴾ للإيذان بأن ذلك مما ينبغي أن يُفعل بموجب الحكمة لقطع المعاذير كما يُنبىء عنه قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّر﴾ أو للاستدراج كما ينطق به قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا﴾.
ومنها: التعرض لعنوان الرحمانية لما أن المد من أحكام الرحمة الدنيوية ذكره أبو السعود.
ومنها: المجاز العقلي في قوله: ﴿سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ﴾؛ أي: نأمر الملائكة بالكتابة، فهو من إسناد الشيء إلى سببه.
ومنها: جناس الاشتقاق في قوله: ﴿فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا﴾، وفي قوله: ﴿اهْتَدَوْا هُدًى﴾، وقوله: ﴿وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا﴾، وقوله: ﴿تَؤُزُّهُمْ أَزًّا﴾ وقوله: ﴿إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا﴾، وقوله: ﴿لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤)﴾.
ومنها: الطباق بين: ﴿تبشر﴾ و ﴿تنذر﴾.


الصفحة التالية
Icon