قبلها: أن موسى - عليه السلام - لما سأل ربه أمورًا ثمانية، وكان قيامه بما كلف به لا يتم على الطريق المرضي إلا إذا أجابه إليها.. لا جرم أجابه الله تعالى إلى ما طلب، ليكون أقدر على الإبلاغ على الوجه الذي كلف به، ثم ذكره بنعمه السالفة حين كانت أمه ترضعه، وتحذر عليه من فرعون وملئه أن يقتلوه، فألهمها أن تصنع تابوتًا، وتضعه فيه وتلقيه في النيل، ففعلت فألقاه النيل في الساحل، فالتقطه آل فرعون وربوه في منزلهم، وألقى الله محبةً في قلوبهم له، وصار كأنه ابنهم، ثم ذكره بنجاته من القصاص حين قتل المصري وهرب إلى مدين.
أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿طه (١) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (٢)﴾ سبب نزوله (١): ما أخرجه عبد الله بن حميد في "تفسيره"، عن الربيع بن أنس قال: كان النبي - ﷺ - يراوح بين قدميه ليقوم على كل رجل حتى نزلت آية: ﴿مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (٢)﴾.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس، أن النبي - ﷺ - كان أول ما أنزل عليه الوحي، يقوم على صدور قدميه إذا صلى فأنزل الله ﴿طه (١) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (٢)﴾
وروى مقاتل (٢): أن أبا جهل، والوليد بن المغيرة، ومطعم بن عدي، والنضر بن الحارث قالوا لرسول الله - ﷺ -: إنك لتشقى حيث تركت دين آبائك، فقال عليه السلام: "بل بعثت رحمةً للعالمين" قالوا: بل أنت تشقى، فأنزل الله الآية ردًا عليهم، وتعريفًا لمحمد - ﷺ - بأن دين الإِسلام هو السبيل إلى نيل كل فوز، وسبب إدراك كل سعادة، وما فيه المشركون هو الشقاء بعينه.
(٢) المراغي.