فقلبت الهمزة هاءً.
وقد تقدم القول أن (١) أصح الآراء في الحروف المقطعة التي في أوائل السور أنها حروف تنبيهٍ كـ (ألا) و (يا)، ونحوهما، مما يُذكر في أوائل الجمل لقصد تنبيه المخاطب إلى ما يُلقى بعدها لأهميته، وإرادة إصغائه إليه، نحو ما جاء في قوله تعالى: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢)﴾ ويُنطق باسمائها عند قراءتها فيقال: طاها.
وقيل (٢): (طا) فعل أمر، وأصله: طأ فخففت الهمزة بإبدالها ألفًا، و (ها) مفعول به، وهو ضمير الأرض؛ أي: طاء الأرض بقدميك، ولا تراوح إذ كان يراوح حتى تورمت قدماه، وقرأت فرقة، منهم الحسن، وعكرمة، وأبو حنيفة، وورش، في اختياره: طه، قيل: أصله طأ، فحذفت الهمزة، وأُدخلت هاء السكت، وأُجري الوصل مجرى الوقف، أو أصله: طأ وأبدلت همزته هاء، فقيل: طه، وقرأ الضحاك وعمرو بن فائد: ﴿طاوى﴾.
وقال ابن الجوزي (٣): وفي طه قراءات: قرأ ابن كثير وابن عامر ﴿طه (١)﴾ بفتح الطاء والهاء، وقرأ حمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: ﴿طه﴾ بكسر الطاء والهاء، وقرأ نافع: ﴿طه﴾ بين الفتح والكسر، وهو إلى الفتح أقرب، كذلك قال خلف عن المسيبي، وقرأ أبو عمرو: ﴿طه﴾ بفتح الطاء وكسر الهاء، وروى عنه عباس مثل حمزة، وقرأ ابن مسعود، وأبو رزين العقيلي، وسعيد بن المسيب، وأبو العالية: ﴿طه﴾ بكسر الطاء وفتح الهاء، وقرأ الحسن: ﴿طه﴾ بفتح الطاء وسكون الهاء، وقرأ الضحاك، ومورق: ﴿طه﴾ بكسر الطاء وسكون الهاء. انتهى.
٢ - وجملة: ﴿مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (٢)﴾: مستأنفة (٤) مسوقة لتسلية رسول الله - ﷺ - عما كان يعتريه من جهة المشركين من التعب، والشقاء: يجيء في

(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.
(٣) زاد المسير.
(٤) الشوكانى.


الصفحة التالية
Icon