هارون أخي متحملًا معي أعباء ما كلفتني به، ومعينًا على أمري، يقوي أمري وأثق برأيه.
والخلاصة (١): أي واجعل لي عوناً من أهل بيتي، هارون أخي، ليحمل معي أعباء الرسالة، ويكون ظهيرًا لى عند الشدائد، وحلول المكاره، ولمثل هذا قال عيسى - عليه السلام -: ﴿مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ﴾ قال النبي - ﷺ -: "إن لي في السماء وزيرين، وفي الأرض وزيرين، فاللذان في السماء: جبريل وميكائيل، واللذان في الأرض: أبو بكر وعمر" وروي أن النبي - ﷺ - قال: "إذا أراد الله بملك خيرًا.. قيَّض له وزيرًا صالحًا، إن نسي.. ذكره، وان نوى خيرًا.. أعانه، وإن أراد شرًا.. كفه"
٣١ - ثم طلب موسى من ربه أن يشد به أزره فقال: ﴿اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣١)﴾؛ أي: قوِّ يا رب بهارون ظهري، وأعني به
٣٢ - ﴿وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (٣٢)﴾؛ أي: اجعله يا رب شريكي في أمر الرسالة، حتى نتعاون على أدائها كما ينبغي، فإن قيل: كيف (٢) سأل لأخيه النبوة؟ فإنما هي باختيار الله تعالى كما قال: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾.
قلت: إن في إجابة الله دليلًا على أن سؤاله كان بإذن الله، دليلًا وإلهامًا منه، ولما كان التعاون في الدين درجةً عظيمة، طلب أن لا يحصل إلا لأخيه.
وفيه إشارة (٣) إلى أن صحبة الأخيار وموازرتهم مرغوب للأنبياء، فضلًا عن غيرهم، ولا ينبغي أن يكون المرء مستبدًا برأيه، مغرورًا بقوته وشوكته، وينبغي أن يحب لأخيه ما يحبه لنفسه. ولا تقدح وزارة هارون في نبوته، وقد كان أكثر أنبياء بني إسرائيل كذلك؛ أي: كان أحدهم موازرًا ومعينًا للآخر في تبليغ الرسالة، وكان هارون بمصر، حين بعث موسى نبيًا بالشام، وقرأ الجمهور (٤): ﴿اشْدُدْ﴾ ﴿وَأَشْرِكْهُ﴾ على معنى الدعاء في شد الأزر، وتشريك هارون في النبوة، بهمزة وصل في: ﴿أشدد﴾ وهمزة قطع في ﴿أشركه﴾ وقرأ الحسن، وزيد بن علي
(٢) روح البيان.
(٣) روح البيان.
(٤) البحر المحيط.