وابن عامر ﴿أشدد﴾ بفتح الهمزة ﴿وأشركه﴾ بضمها فعلًا مضارعًا مجزومًا في جواب الطلب، وعطف عليه ﴿وأشركه﴾ وقال صاحب "اللوامح" عن الحسن أنه: ﴿أشدد به﴾ مضارع شدد للتكثير والتكرير؛ أي: كلما حزنني أمر.. شددت به أزري، وفي مصحف عبد الله ﴿أخي وأشدد﴾ وقرأ (١): بفتح الماء من ﴿أخي﴾ ابن كثير، وأبو عمرو، ثم حكى سبحانه: ما لأجله دعا موسى بالأدعية الثلاثة الأخيرة؛ أي: دعوتك يا رب بهذه الأدعية
٣٣ - ﴿كَيْ نُسَبِّحَكَ﴾ تسبيحاً ﴿كَثِيرًا﴾؛ أي: ننزهك عما لا يليق بك من الأفعال والصفات، التي من جملتها ما يدعيه فرعون الطاغية، ويقبله منه جماعته الباغية، من ادعاء الشركة في الألوهية
٣٤ - ﴿و﴾ كي ﴿نذكرك﴾ ذكراً ﴿كَثِيرًا﴾؛ أي: على كل حال، ونفسك بما يليق بك من صفات الكمال، ونعوت الجمال، والجلال، زمانًا كثيرًا، ومن جملته زمانُ دعوة فرعون، وأوان المحاجة معه، فإن التعاون يهيج الرعيات، ويؤدي إلى تكاثر الخير وتزايده، وانتصاب ﴿كَثِيرًا﴾ في الموضعين: على أنه نعت مصدر محذوف، أو لزمان محذوف، وفيه (٢) إشارة إلى أن للجليس الصالح، والصديق الصدّيق أثرًا عظيمًا في المعاونة على كثرة الطاعات، والمرافقة في اقتحام عقبات السلوك، وقطع مفاوزه.
٣٥ - ﴿إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا (٣٥)﴾ الباء: متعلقة بـ ﴿بَصِيرًا﴾ قدمت عليه لرعاية الفواصل؛ أي: إنك كنت عليمًا بأحوالنا، وأن ما طلبناه مما يفيدنا في تحقيق ما كلفتنا به، من إقامة مراسم الرسالة على أتم الوجوه وأكملها، فإن هارون نعم العون على أداء ما أمرت به، من نشر معالم الدين، وكبح جماح المضلين، وإرشادهم إلى حق اليقين، فإنه أكبر منى سنًا، وأفصح لسانًا، وكان أكبر من موسى بأربع سنين، أو بسنةٍ، على اختلاف الروايات.
ولما سأل موسى ربه سبحانه أن يشرح صدره، وييسر له أمره، ويحلل عقدةً من لسانه، ويجعل له وزيرًا من أهله.. أخبره الله سبحانه، بأنه قد أجاب ذلك

(١) الشوكاني.
(٢) المراح.


الصفحة التالية
Icon