أن يلقينه بالتحف والهدايا واللباس، فوصل إليها إلى ذلك، وهو بخير حال، وأجمل شباب، فسرَّت به، ودخلت به على فرعون ليراه، وليهبه، فأعجبه وقرَّبه، فأخذ موسى لحية فرعون، وتقدم ما جرى له عند ذكر العقدة.
وقرأ الجمهور (١): ﴿كَيْ تَقَرّ﴾ بفتح التاء والقاف، وقرأت فرقة: بكسر القاف، وتقدم أنهما لغتان في قوله: ﴿وَقَرِّي عَيْنًا﴾ وقرأ جناح بن حبيش: بضم التاء وفتح القات، مبنيًا للمفعول.
٥ - ﴿وَقَتَلْتَ﴾ بعد كبرك ﴿نَفْسًا﴾؛ أي: قبطيًا وكزته حين استغاث بك الإسرائيلي، كما يأتي في سورة القصص، وكان طباخًا لفرعون اسمه قاب قان، وكان عمر موسى إذ ذاك ثلاثين سنةً ﴿فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ﴾ الذي نزل بك بسبب قتل القبطي من وجهين:
أولًا - عقاب الدنيا باقتصاص فرعون، كما جاء في الآية ﴿فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾.
ثانيًا - عقابنا إذ قتلته بغير أمر منا، فغفرنا لك ذنبك حين قلت: ﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي﴾ وكان قتله للكافر خطأ، ووفقناك للهجرة إلى مدين.
والغم (٢): ما يغم على القلب، بسبب خوف أو فوات مقصود، والغم بلغة قريش: القتل، وقيل: من غم التابوت، وقيل: من غم البحر، والظاهر: أنه من غم القتل، حين ذهبنا بك من مصر إلى مدين.
٦ - ﴿وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا﴾ والفتنة (٣): تكون بمعنى المحنة، وبمعنى: الأمر الشاق، وكل ما يبتلى به الإنسان، والفتون: يجوز أن يكون مصدرًا كالثبور، والشكور، والكفور؛ أي: ابتليناك ابتلاءً، واختبرناك اختبارًا، وامتحناك امتحانًا، ويجوز أن يكون جمع فتنة، على ترك الاعتداد بتاء التأنيث، كحجورٍ في حجرة، ويدور في

(١) البحر المحيط.
(٢) البحر المحيط.
(٣) الشوكاني.


الصفحة التالية
Icon