الإعراب
﴿طه (١) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (٢) إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (٣)﴾.
﴿طه (١)﴾: إن قلنا إن الحروف المقطعة مما استأثر الله بعلمها، فلا محل لها من الإعراب، أي: لا توصف بإعرابٍ ولا بناءٍ؛ لأن الحكم بالإعراب والبناء، على الكلمة، فرع عن إدراك معناها، وإن قلنا إنها اسم للسورة، فهو إما: خبر لمبتدأ محذوف؛ أي هذه سورة طه، أو مبتدأ خبره محذوف تقديره: سورة طه هذا محله، والجملة الاسمية: مستأنفة استئنافًا نحويًا، وقيل: إن ﴿طه (١)﴾ اسم محمد، حذف منه حرف النداء. ﴿مَا﴾: نافية ﴿أَنْزَلْنَا﴾: فعل وفاعل ﴿عَلَيْكَ﴾: متعلق بـ ﴿أَنْزَلْنَا﴾ ﴿الْقُرْآنَ﴾: مفعول به ﴿لِتَشْقَى﴾ (اللام): حرف جر وتعليل ﴿تشقى﴾: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام كي، وفاعله ضمير يعود على محمد، والجملة الفعلية مع أن المضمرة: في تأويل مصدر مجرور باللام، تقديره: لشقائك، الجار والمجرور متعلق بـ ﴿أَنْزَلْنَا﴾ ﴿إِلَّا﴾ أداة استثناء منقطع ﴿تَذْكِرَةً﴾: مفعول لأجله لفعل محذوف، دل عليه المذكور تقديره: ما أنزلناه ﴿إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (٣)﴾ قال أبو البقاء: ولا يجوز أن يكون مفعولًا لأجله ﴿لأنزلنا﴾ المذكور؛ لأنها قد تعدت إلى مفعول له، وهو ﴿لِتَشْقَى﴾ فلا تتعدى لآخر من جنسه، ولا يصح أن يعمل فيها ﴿لِتَشْقَى﴾ لفساد المعنى، وقيل: ﴿تَذْكِرَةً﴾: مصدر في موضع الحال، واختار الزمخشري أن تكون تذكرةً: مفعولًا لأجله، قال: وكل واحد من ﴿لِتَشْقَى﴾ و ﴿تَذْكِرَةً﴾: علة للفعل، إلا أن الأول: وجب مجيئه مع اللام؛ لأنه ليس لفاعل الفعل المعلل، ففاتته شريطة الانتصاب على المفعولية، والثاني: جاز قطع اللام عنه، ونصبه لاستجماع الشرائط، وعلى هذا جرى معظم المعربين والمفسرين، وقال الكرخي: إن الاستثناء في قوله: ﴿إِلَّا تَذْكِرَةً﴾: منقطع وإن ﴿تَذْكِرَةً﴾: مفعول من أجله، والعامل أنزلناه المقدر لا المذكور، وكل واحد من ﴿لِتَشْقَى﴾ و ﴿تَذْكِرَةً﴾: علة لقوله: ﴿مَا أَنْزَلْنَا﴾ وتعدى في ﴿لِتَشْقَى﴾ بـ (اللام) لاختلاف العامل؛ لأن ضمير ﴿أَنْزَلْنَا﴾ لله وضمير ﴿لِتَشْقَى﴾ للنبي، فلم يتحد الفاعل، واتحد في ﴿تَذْكِرَةً﴾ لأن المذكر هو الله تعالى، وهو المنزل فنصب بغير لام. ﴿لِمَنْ يَخْشَى﴾ ﴿لِمَنْ﴾: جار