﴿هَذَانِ لَسَاحِرَانِ﴾ و (اللام) في ﴿لَسَاحِرَانِ﴾: داخلة على خبر المبتدأ، وضعف هذا القول: بأن حذف هذا الضمير لا يجيء إلا في الشعر، وبأن دخول اللام في الخبر شاذ، وقيل: إن ﴿إن﴾ بمعنى نعم.
وقرأ أبو بحرية (١)، وأبو حيوة، والزهري، وابن محيصن، وحميد، وابن سعدان، وحفص، وابن كثير: ﴿إن﴾ بتخفيف النون ﴿هَذَانِ﴾ بالألف، وشدد ابن كثير نون ﴿هذان﴾ وتخريج هذه القراءة واضح، وهو: على أن ﴿إِنْ﴾ هي المخففة من الثقيلة، و ﴿هَذَانِ﴾: مبتدأ و ﴿لَسَاحِرَانِ﴾ الخبر و (اللام) للفرق بين إن النافية، وإن المخففة من الثقيلة، على رأي البصريين، والكوفيون يزعمون: أن إن نافية، واللام بمعنى إلا، وقرأت فرقة: ﴿إن ذان لساحران﴾ وتخريجها كتخريج القراءة التي قبلها، وقرأت عائشة، والحسن، والنخعي، والجحدري، والأعمش، وابن جبير، وابن عبيد، وأبو عمرو: ﴿إن هذين﴾ بتشديد نون ﴿إن﴾ وبالياء في ﴿هذين﴾ بدل الألف رفعًا، والياء نصبًا وجرا، وقال الزجاج: لا أجيز قراءة أبي عمرو؛ لأنها خلاف المصحف، وقرأ عبد الله ﴿إن ذان إلا ساحران﴾ قاله ابن خالويه، وعزاها الزمخشري لأبيّ، وقال ابن مسعود: ﴿أنَّ هذان ساحران﴾ بفتح أن وبغير لام بدل من النجوى. انتهى وقرأت فرقة ﴿ما هذان إلّا ساحران﴾.
٦٤ - ثم بيَّن السحرة ما يجب لمقابلة هذا الخطر الداهم، والبلاء المقبل، فقالوا: ﴿فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ﴾ و (الفاء) فيه فاء (٢) الفصيحة، وأجمعوا من الإجماع، يقال: أجمع الأمر إذا أحكمه وعزم عليه، وحقيقته: جمع رأيه عليه، وأجمع المسلمون كذا: اجتمعت آراؤهم عليه، وأكثر ما يقال فيما يكون جمعًا يتوصل إليه بالتدبير والفكرة.
والمعنى: إذا كان الأمر كما ذكر، من كونهما ساحرين، يريدان بكم ما ذُكر من الإخراج والإذهاب، فأزمعوا مكركم وحيلكم في رفع هذا المزاحم، واجعلوه
(٢) روح البيان.