لكم، من حَل الدَّين يحل بالكسر: إذا وجب أداؤه، وأما يحُل بالضم: فهو بمعنى الحلول؛ أي: النزول، والغضب ثوران دم القلب عند إرادة الانتقام، وإذا وصف الله تعالى به، فالمراد: الانتقام دون غيره، والقول الأسلم الذي عليه السلف أن يقال: إن غضب الله سبحانه صفة ثابتة له، نعتقدها ولا نعطلها، أثرها الانتقام ممن استحقه؛ أي: ولا تطغوا في رزقي بالإخلال بشكره، وتعدي حدودي فيه، بالسرف والبطر، والاستعانة به على المعاصي، ومنع الحقوق الواجبة فيه، فينزل عليكم غضبي، وتجب عليكم عقوبتي.
والظاهر (١): أن الخطاب لمن نجا مع موسى بعد إغراق فرعون، وقيل: لمعاصري الرسول - ﷺ - اعتراضًا في أثناء قصة موسى، توبيخًا لهم، إذ لم يصبر سلفهم على أداء شكر نعم الله، فهو على حذف مضاف؛ أي: أنجينا آباءكم من تعذيب آل فرعون، وخاطب الجميع بـ ﴿واعدناكم﴾ وإن كان الموعودون هم السبعين الذين اختارهم موسى - عليه السلام - لسماع كلام الله؛ لأن سماع أولئك السبعين تعود منفعته على جميعهم، إذ به تطمئن قلوبهم وتسكن. وقرأ زيد بن علي ﴿ولا تطغوا﴾ بضم الغين ﴿وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي﴾؛ أي: ومن ينزل عليه غضبي.. ﴿فَقَدْ هَوَى﴾؛ أي: شقي وهلك، وتردى وسقط في الهلاك الأبدي، وأصله: أن يسقط من جبل فيهلك؛ أي: صار إلى الهاوية، وسقط فيها، ومن بلاغات الزمخشري: من أرسل نفسه مع الهوى فقد هوى في أبعد الهوى.
وقرأ الجمهور (٢): ﴿فَيَحِلَّ﴾ بكسر الحاء ﴿وَمَنْ يَحْلِل﴾ بكسر اللام؛ أي: فيجب ويلحق، وقرأ الكسائي: بضم الحاء في ﴿يحل﴾ وضم اللام في ﴿يحلل﴾؛ أي: ينزل، وهي قراءة قتادة، وأبي حيوة، والأعمش، وطلحة، ووافق ابن عيينة في ﴿يحلل﴾ فضم اللام، قال (٣) الفراء: والكسر أحب إلي، لأن الضم من الحلول، ومعناه: الوقوع، ويحل بالكسر: يجب، وجاء التفسير بالوجوب لا
(٢) البحر المحيط.
(٣) زاد المسير.