عن عاصم؛ ﴿وَأَنَّكَ﴾ بفتحها، قال أبو علي: من فتح.. حمله على ﴿أن لك أن لا تجوع﴾ ﴿وأن لك أن لا تظما﴾ ومن كسر استأنف.
١٢٠ - ﴿فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ﴾؛ أي: أنهى إلى آدم وسوسته وأبلغ، فتعديته بإلى باعتبار تضمينه معنى الإنهاء والإبلاغ، والوسوسة: الصوت الخفي، ومنها وسواس الحلي لأصواتها، وهو فعل لازم، وجملة قوله: ﴿قَالَ﴾ إما بدل من ﴿وسوس﴾ أو مستأنفة بتقدير سؤال، كأنه قيل: فماذا قال في وسوسته، فقيل: ﴿قَالَ﴾ الشيطان ﴿يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ﴾؛ أي (١): على شجرة من أكل منها.. خلد، ولم يمت أصلًا، سواء كان على حاله أو بأن يكون ملكًا، فأضافها إلى ﴿الْخُلْدِ﴾ وهو الخلود لأنها سببه بزعمه، كما قيل لحيزوم فرس الحياة لأنها سببها؛ أي فألقى النصيحة إلى آدم، وقال له: هل أدلك على شجرة إن أكلت منها.. خلدت ولم تمت، وملكت ملكًا لا ينقضي ولا يفنى.
قال الراغب: الخلود تبرِّي الشيء من اعتراض الفساد، وبقاؤه على الحالة التي هو عليها، والخلود في الجنة: بقاء الأشياء على الحالة التي هي عليها، من غير اعتراض الفساد عليها ﴿وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى﴾؛ أي: لا يزول ولا ينقضي، ولا يختل بوجه من الوجوه؛ أي: تصرف يدوم ولا ينقطع (٢)؛ أي: هل أدلك على الشجرة التي من أكل منها خلف، ولا يموت أصلًا، ودام ملكه، إما على حاله أو على أن يصير ملكًا
١٢١ - ﴿فَأَكَلَا مِنْهَا﴾؛ أي: أكل آدم وحواء من الشجرة ﴿فـ﴾ عريا من الثياب التي كانت عليهما حتى ﴿بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا﴾؛ أي: عوراتهما، وظهرت فروجهما، يقال: بدا الشيء بَدْوًا وبُدُوًا: ظهر ظهورًا بينًا، وكنى عن الفرج: بالسوءة؛ لأنه يسوء الإنسان انكشافه؛ أي: يغمه ويحزنه؛ أي: ظهر لكل منهما قُبله وقُبل الآخر ودُبره.
قال الحصيري: بدت لهما ولم تبد لغيرهما، لئلا يعلم الأغيار من مكافأة الجناية ما علما، ولو بدت للأغيار.. لقال بدت منهما؛ أي: ظهرت فروجهما

(١) روح البيان.
(٢) المراح.


الصفحة التالية
Icon