الناس بطاعة الله، فلو لم يطيعوه لدخل تحت قوله: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٤٤)﴾ وقال: ﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ﴾.
الخامس: قال الله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ﴾ ولفظه للعموم، فيتناول الكل، ويدل على فعل ما ينبغي فعله، وترك ما ينبغي تركه، فثبت أن الأنبياء كانوا فاعلين لكل خير، وتاركين لكل منهي، وذلك ينافي صدور الذنب عنهم.
السادس: قال الله تعالى: ﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ وقال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ وقال تعالى في حق موسى: ﴿إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي﴾ وقال تعالى: ﴿وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (٤٥) إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (٤٦) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ (٤٧)﴾ وغير ذلك من الآيات التي تدل على كونهم موصوفين بالاصطفاء والخيرة، وذلك ينافي صدور الذنب عنهم، وذكر غير ذلك من الوجوه.
قال: وأما المخالف فقد تمسك بآيات:
منها: قصة آدم هذه، والجواب عنها: أن تقول: إن كلامهم إنما يتم لو بيَّنوا بالدلالة أن ذلك كان حال النبوة، وذلك ممنوع، ولم لا يجوز أن يقال: إن آدم حال ما صدرت عنه هذه الأشياء ما كان نبيًا، وإن هذه الواقعة كانت قبل النبوة، وإن الله تعالى قبل توبته، وشرفَّه بالنبوة والرسالة.
وقال القاضي عياض: وأما قصة آدم، وقوله: ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى﴾؛ أي: جهل، وقيل: أخطأ، فقد أخبر الله تعالى بعذره في قوله: ﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (١١٥)﴾؛ أي: نسي عداوة إبليس له وما عهد الله إليه، وقيل: لم يقصد المخالفة استحلالًا لها، ولكنه اغتر بحلف إبليس له ﴿إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ﴾ وتوهم أن أحدًا لا يحلف بالله كاذبًا، وقيل: نسي ولم ينو المخالفة، فلذلك قال: ﴿وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا﴾؛ أي: قصدًا للمخالفة، وقيل:


الصفحة التالية
Icon