أن يرث ولده حبورته - وكان حبرا - ويرث من بني ماثان ملكهم.
وقرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وابن عامر، وحمزة (١): ﴿يَرِثُنِي وَيَرِثُ﴾ برفع الفعلين صفةً للولي، فالمعنى عليه: هب لي وليًا وارثًا، وقرأ النحويان أبو عمرو، والكسائي، والزهري، والأعمش، وطلحة، واليزيدي، وابن عيسى الأصبهاني، وابن محيصن، وقتادة: بجزمهما على جواب الأمر، كقولك إن وهبته لي ورثني، ورجح أبو عبيد القراءة الأولى، وقرأ عليّ، وابن عباس، والحسن، وابن يعمر، والجحدري، وقتادة، وأبو حرب بن أبي الأسود، وجعفر بن محمد، وأبو نهيك: ﴿يَرِثُنِي﴾ بالرفع والياء ﴿وأرث﴾ جعلوه فعلًا مضارعًا من ورث، قال صاحب "اللوامح": وفيه تقديم؛ فمعناه: ﴿فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا﴾ من آل يعقوب ﴿يَرِثُنِي﴾ إن متّ قبله؛ أي: نبوتي، وأرثه إن مات قبلي؛ أي: ماله، وهذا معنى قول الحسن وقرأ علي، وابن عباس، والجحدري ﴿يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ﴾ قال أبو الفتح: هذا هو التجريد. التقدير: يرثني منه وأرث، وقال الزمخشري: وأرث؛ أي: يرثني به وارث، ويسمى التجريد في علم البيان؛ لأنه جرد عن المذكور أولًا مع أنه المراد.
وقرأ مجاهد: ﴿أو يرث من آل يعقوب﴾ على التصغير، وأصله وُوَيْرِث، فأبدلت الواو همزة على اللزوم، لاجتماع الواوين، وهو وارث؛ أي: غُلَيْم صغير، وعن الجحدري: ﴿وارث﴾ بكسر الواو؛ يعني به: الإمالة المحضة لا الكسر الخالص، وهذه القراءات في غاية الشذوذ لفظًا ومعنًى، ﴿وَاجْعَلْهُ﴾؛ أي: الولد الموهوب لي يا ﴿رَبِّ رَضِيًّا﴾؛ أي: مرضيًا عندك قولًا وفعلًا، وتوسيط (٢) ﴿رَبِّ﴾ بين مفعولي الجعل، كتوسيطه بين كان وخبرها فيما سبق لتحريك سلسلة الإجابة بالمبالغة في التضرع، ولذلك قيل: إذا أراد العبد أن يستجاب له دعاؤه.. فليدع الله بما يناسبه من أسمائه وصفاته.
واعلم: أن الله تعالى لا يمكن العبد من الدعاء إلا لإجابته كلاً أو بعضًا،
(٢) روح البيان.