كما وقع لزكريا - عليه السلام - وفي الحديث: "من فتح له باب الدعاء.. فتحت له أبواب الرحمة" ومعنى الآية؛ أي: أعطني من واسع فضلك، وعظيم جودك وعطائك، لا بطريق الأسباب العادية ولدًا من صلبي، يرث الحبورة مني ويرث من آل يعقوب ملكهم وكان زكريا رئيس الأحبار يومئذٍ ويكون برًا تقيًا مرضيًا عندك وعند خلقك، تحبه ويحبونه لدينه وخلقه ومحاسن شيمته.
ونحو الآية قوله تعالى في سورة آل عمران حكايةً عنه: ﴿قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً﴾ وقوله في سورة الأنبياء: ﴿وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (٨٩)﴾.
والحاصل: أن زكريا - عليه السلام - قد عرف ببعض الإمارات، أن عصبته وهم إخوته وبنو عمه ربما استمروا على عادتهم في الشر والفساد، فخافهم أن يغيروه، وأن لا يحسنوا الخلافة على أمته، فطلب عقبًا من صلبه يقتدى به في إحيائه، وينهج نهجه فيه، فدعا بهذا الدعاء، ثم أخبر سبحانه أنه أجاب دعاءه، وتولى تسمية الولد بنفسه، فقال: ﴿يَا زَكَرِيَّا﴾ وفي الكلام حذف تقديره؛ أي: فاستجاب له دعاءه، فقال بوساطة الملك، يا زكريا، كما قال في سورة آل عمران، ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى﴾
٧ - ﴿إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ﴾؛ أي: بولد ذكر يرث العلم والنبوة في حياتك، فإنه قتل قبل موت أبيه، وبين هذه البشارة ووجود الغلام في الخارج بالفعل، ثلاث عشرة سنة كما تقدم في سورة آل عمران، وإن طلب زكريا للولد والبشارة به كان في صغر مريم وهي في كفالته، وإن الحمل بيحيى كان مقارنًا للحمل بعيسى، وكانت مريم إذ ذاك بنت ثلاث عشرة سنة، وتقدم أَن أشاع حملت بيحيى قبل حمل مريم بعيسى بستة أشهر. اهـ. شيخنا.
والبشارة بكسر الباء: الإخبار بما يظهر سرورًا في المخبر ﴿اسْمُهُ يَحْيَى﴾ سمي به لإحيائه رحم أمه بعد موته بالعقم، أو لأنه حيي بالعلم والحكمة التي أوتيها، وتولّى الله تسميته بنفسه تشريفًا له. ﴿لَمْ نَجْعَلْ لَهُ﴾؛ أي: ليحيى ﴿مِنْ قَبْلُ﴾؛ أي: من قبل ولادته ﴿سَمِيًّا﴾؛ أي: شريكًا له في هذا الاسم، حيث لم


الصفحة التالية
Icon