تنزَّه ربنا عما يقول هؤلاء المشركون، وقد كذب من اتخذ آلهة لا دليل عليها، وأن جميع الأديان جاءت بإخلاص التوحيد، كما كذب من جعل له ولدًا، فقال: الملائكة بنات الله.
والملائكة خلق مطيعون لربهم، لا يفعلون إلّا ما يؤمرون به، ولا يشفعون إلّا لمن ارتضى، وهم من خوفه حذرون، ومن يقل منهم: إنه إله.. فلا جزاء له إلا جهنم، وهي جزاء كل ظالم.
أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا...﴾ الآية، سبب نزول هذه الآية (١): ما أخرجه ابن المنذر عن ابن جريج قال: نعي إلى النبي - ﷺ - نفسه، فقال: "يا رب فمن لأمتي" فنزلت ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ...﴾ الآية.
التفسير وأوجه القراءة
١ - ﴿اقْتَرَبَ﴾؛ أي: قرب ودنا ﴿لِلنَّاسِ﴾؛ أي للمشركين ﴿حِسَابُهُمْ﴾؛ أي (٢): وقت محاسبة الله إياهم على أعمالهم يوم القيامة، نزلت في منكري البعث؛ أي: قرب (٣) بالنسبة إلى ما مضى، أو عند الله تعالى لقوله: ﴿إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (٦) وَنَرَاهُ قَرِيبًا (٧)﴾، أو لأن كل ما هو آت قريب، وإنما البعيد ما انقرض ومضى، قال الشاعر:

فَمَا زَالَ مَنْ يَهْوَاهُ أَقْرَبُ مِنْ غَدِ وَمَا زَالَ مَنْ يَخْشَاهُ أَبْعَدُ مِنْ أَمْسِ
واللام صلة لـ ﴿اقترب﴾، أو تأكيد للإضافة، وأصله: اقترب حساب الناس، ثم صار اقترب للناس الحساب، ثم صار اقترب للناس حسابهم، وقال في "العيون": اللام بمعنى من، متعلقة بالفعل، وتقديمها على الفاعل للمسارعة
(١) لباب النقول.
(٢) الخازن.
(٣) البيضاوي.


الصفحة التالية
Icon