كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ}، وقوله: ﴿وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ﴾ وأول هذه السورة الاستدلال على البعث بالبراهين العقلية.
٢ - أنه قد أقيمت في السورة السالفة الحجج الطبيعية على الوحدانية، وفي هذه جعل العلم الطبيعي من براهين البعث.
٣ - في السورة السالفة وما قبلها قصص الأنبياء وبراهينهم لقومهم، وفي هذه السورة خطاب من الله للأمم الحاضرة، وهو خطاب يسترعى السمع، ويوجب علينا ولو إجمالًا أن نعرف صنع الله في أرضه وسمائه، وتدبيره خلق الأجنة والنبات والحيوان.
قال أبو حيان (١): ومناسبة أول هذه السورة لما قبلها: أنه سبحانه وتعالى ذكر فيما قبلها حال الأشقياء والسعداء، وذكر الفزع الأكبر، وهو ما يكون يوم القيامة، وكان مشركو مكة قد أنكروا المعاد، وكذبوه بسبب تأخر العذاب عنهم، فنزلت هذه السورة تحذيرًا لهم، وتخويفاً لما انطوت عليه من ذكر زلزلة الساعة، وشدة هولها، وذكر ما أعد لمنكريها، وتنبيههم على البعث بتطويرهم في خلقهم، وبهمود الأرض واهتزازها بعد بالنبات.
الناسخ والمنسوخ: قال أبو عبد الله (٢) محمد بن حزم - رحمه الله تعالى -: سورة الحج مكية وهي من أعاجيب القرآن؛ لأن فيها مكيًّا ومدنيًّا، حضريًا وسفريًا، وفيها حربيًا وفيها سلميًا، وفيها ليليًا، وفيها نهاريًا. فأما المكي. فمن رأس الثلاثين آية إلى آخرها. وأما المدني منها فمن رأس خمس عشرة إلى رأس الثلاثين. وأما الليلي منها فمن أولها إلى رأس خمس آيات. وأما النهاري منها فمن رأس الخمس إلى رأس اثنتيّ عشرة. وأما الحضريّ فإلى رأس العشرين. ونسب إلى المدينة لقربه منها. وفيها ناسخ ومنسوخ، فمن ذلك المنسوخ آيتان:

(١) البحر المحيط.
(٢) الناسخ والمنسوخ.


الصفحة التالية
Icon