بسبب جهله وتمرّده كالنضر بن الحارث وأبي جهل وأبي بن خلف فإنهم ينكرون البعث، ويقولون: إن الله لا يقدر على إحياء من صار ترابًا، ويكذبون القرآن والنبي - ﷺ -، ولكن (١) الآية عامة في كل كافر، يجادل في ذات الله وصفاته بالجهل، وعدم اتباع البرهان وفي "التأويلات النجمية" يشير إلى أن من يجادل في الله، ماله علم بالله ولا معرفة به إلا لم يجادل فيه وإنما يجادل لاتباعه الشيطان، كما قال: ﴿وَيَتَّبِعُ﴾ ذلك المجادل في جداله، وعامة أحواله: ﴿كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ﴾؛ أي: متجرد للفساد متعرّ من الخيرات، وهم رؤساء الكفرة، الذين يدعون من دونهم إلى الكفر أو إبليس وجنوده.
والمعنى: أنه (٢) يخاصم في قدرة الله تعالى، فيزعم أنه غير قادر على البعث، بغير علم يعلمه، ولا حجة يستدل بها، ويتبع فيما يقوله ويتعاطاه، ويحتج به كل شيطان مرد، أي متمردٍ عاتٍ على الله تعالى.
والخلاصة: أي (٣) ومن الناس من يتبع في كل ما يأتي وما يذر من شؤونه وأهوائه شياطين من شياطين الإنس والجن، الذين يزينون له طرق الغواية، ويسلكون به الطرق التي تزلق به في المهاوي، ويقودونه إلى الأعمال التي تصل به إلى النار، من شرك بالله، وعبادة للأوثان والأصنام، وشرب للخمر، ولعب بالميسر إلى نحو ذلك، ممّا يحسنون له عمله، ويكونون له فيه القادة الذين لا يرد لهم قول، ولا يقبح منهم فعل.
وقرأ زيد بن علي (٤): ﴿ويتبع﴾ خفيفًا.
٤ - ثم وصف سبحانه ذلك الشيطان بقوله: ﴿كُتِبَ عَلَيْهِ﴾ بالبناء للمفعول؛ أي: كتب على ذلك الشيطان، من الجن والإنس في اللوح المحفوظ، وقضي وقدر عليه في علم الله تعالى، ونائب فاعله ﴿أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ﴾؛ أي: أن الشأن من تولى ذلك الشيطان واتخذه وليًا وتبعه ﴿فإنه يضله﴾ بالفتح، على أنه خبر، مبتدأ محذوف؛ أي: فشأن ذلك الشيطان أن يضل من تولاه عن طريق الحق والجنة، ﴿وَيَهْدِيهِ﴾ ويدله ﴿إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ﴾ بحمله
(٢) الشوكاني.
(٣) المراغي.
(٤) البحر المحيط.