في الأفعال الثلاثة، وقرأ يحيى بن وثاب ﴿ما نشاء﴾ بكسر النون. ﴿ثُمَّ﴾ بعد إقراركم فيها ﴿نُخْرِجُكُمْ﴾ من بطون أمهاتكم عند تمام الأجل المسمى حال كونكم ﴿طِفْلًا﴾؛ أي: أطفالًا صغارًا بحيث لا تقومون بمصالح أموركم من غاية الضعف، وإنما وحد الطفل، اعتبارًا بكل واحد منهم، أو لإرادة الجنس المنتظم للواحد والمتعدد، والطفل الولد ما دام ناعماً، كما في "المفردات". وقال المولى الفنادي في تفسير الفاتحة: حد الطفل من أول ما يولد حين يستهل صارخًا إلى انقضاء ستة أعوام، انتهى. وقيل: يطلق الطفل على الصغير، من وقت انفصاله إلى البلوغ، ﴿ثُمَّ﴾ بعد إخراجكم طفلًا نُسَهِّلُ في تربيتكم أمورًا ﴿لِتَبْلُغُوا﴾ ولتصلوا ﴿أَشُدَّكُمْ﴾؛ أي: غاية كمالكم في القوة والعقل والتمييز، فهو علة لمحذوف، وقيل: هو (١) علة لنخرجكم، معطوفة على علة أخرى، مناسبة لها، كأنه قيل: ثم نخرجكم طفلًا لتكبروا شيئًا فشيئًا، ثم لتبلغوا كمالكم في القوة والعقل والتمييز، وهو فيما بين الثلاثين والأربعين. وفي "القاموس" ما بين ثماني عشرة إلى ثلاثين. مفرد جاء على بناء الجمع كـ: آنُكٍ، ولا نظير لهما، انتهى.
وقيل (٢): إن ﴿ثُمَّ﴾ هنا، زائدة، والتقدير: ثم نخرجكم طفلًا لتبلغوا، إلخ، وقيل: إنه معطوف على نبين، ﴿وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى﴾ قبل بلوغ الكبر؛ أي: يقبض روحه ويموت بعد بلوغ الأشد أو قبله، والتوفي عبارة عن الموت، يقال توفاه الله إذا قبض روحه.
وقرىء ﴿يُتَوَفَّى﴾ بفتح الياء مبنيًا للفاعل؛ أي: يستوفي أجله، والجمهور بالضم مبنيًا للمفعول؛ أي: بعد الأشد وقبل الهرم، ﴿وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ﴾ ويرجع ﴿إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ﴾؛ أي: يبقى ويعمر إلى بلوغه أرذل العمر، وأخس الحياة وأدناها وأردأها، وهو الهرم والخرف والرذل والرذال المرغوب عنه لردائته، والعمر مدة عمارة البدن بالحياة، فيصير (٣) إلى حالة الطفولية ضعيف البنية سخيف
(٢) الشوكاني.
(٣) البحر المحيط.