والمسيء، ﴿لَا رَيْبَ﴾ ولا شك ﴿فِيهَا﴾؛ أي: في إتيانها، إذ قد وضح دليلها وظهر أمرها، وهو خبر ثان لـ ﴿أن﴾؛ أي: ولتعلموا أن الساعة التي وعدكم أن يبعث فيها الموتى من قبورهم آتية لا ريب ولا محالة فيها، ولا شك في حدوثها، وليس لأحد أن يرتاب فيها.
٧ - وقوله: ﴿وَأَنَّ السَّاعَةَ﴾ إلى آخره توكيد (١) لقوله: ﴿وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى﴾، والظاهر أن قوله: ﴿وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ﴾ ليس داخلًا في سبب ما تقدم ذكره، فليس معطوفًا على ﴿أَنَّهُ﴾ الذي يليه، فيكون على تقدير: والأمر أن الساعة إلخ.
٥ - ﴿وَأَنَّ اللَّهَ﴾ سبحانه ﴿يَبْعَثُ﴾ ويجمع بمقتضى وعده الذي لا يقبل الخلف ﴿مَنْ فِي الْقُبُورِ﴾ من الموتى للمجازاة، جمع قبر وهو مقر الميت، "والبعث": هو أن ينشر الله الموتى من القبور، بأن يجمع أجزاءهم الأصلية، ويعيد الأرواح إليها، وأنكره الفلاسفة، بناء على امتناع إعادة المعدوم.
أي: ولتوقنوا بأن الله حينئذٍ، يبعث من في القبور أحياء إلى مواقف الحساب.
وخلاصة ذلك: أنكم إذا تأملتم في خلق الحيوان، والنبات، أمكنكم أن تستدلوا بذلك على وجود الخالق، وقدرته على إحياء الموتى وعلى غيرها من الممكنات، وأن الساعة آتية لا شك فيها، وأنه يبعث من في القبور للحساب والجزاء، ولولا ذلك، ما أوجد هذا العالم؛ لأن أفعاله تعالى مبنية على الحكم الباهرة، والغايات السامية.
وعبارة أبي السعود: أي هذه الآثار من آثار الألوهية، وأحكام شؤونه الذاتية والوصفية والفعلية، وإن إتيان الساعة وإتيان البعث اللذين ينكرون وجودهما، من أسباب تلك الآثار العجيبة، التي يشاهدونها في الأنفس والآفاق؛ أي: ذلك الصنيع البديع حاصل بسبب أنه تعالى، هو الحق وحده، في ذاته وصفاته وأفعاله، المحقق والموجد لما سواه من الأشياء، فهذه الآثار الخاصة،