مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ} وقبح ﴿الْمَوْلَى﴾ والناصر لي ﴿وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ﴾؛ أي: الصاحب والعشير والمخالط لي، والدعاء (١) بمعنى القول. واللام داخلة على الجملة الواقعة مقولًا له. و ﴿مَنْ﴾ مبتدأ. خبره جملة القسم الآتية. ﴿ضَرُّهُ﴾ مبتدأ ﴿أقرب﴾ خبره، والجملة صلة من الموصولة. وقوله ﴿لَبِئْسَ﴾ إلخ جواب لقسم محذوف، وهو وجوابه خبر لـ ﴿من﴾ الموصولة.
والمعنى: يقول ذلك الكافر يوم القيامة بنداء بناء ورفع صوت وصراخ، حين يرى تضرره بمعبوده، ودخوله النار بسببه، ولا يرى منه أثر النفع أصلًا لمن ضره أقرب من نفعه: والله، لبئس الناصر ولبئس الصاحب والمعاشر؛ أي: يقول في ذمه وبيان قبحه لمعبودي، الذي تضرري بعبادته أقرب من انتفاعي بها، أقسم في ذمه وبيان قبحه بقولي: والله، لبئس المولى والناصر هو؛ أي؛ معبودي، ولبئس العشير والصاحب هو؛ أي: معبودي.
وخلاصة ذلك: أيُّ عشير هذا، وأيُّ ناصر ذاك، الذي لا ينفع ولا ينصر من يعاشره، والله لبئس العشير، ولبس النصير. فالآية استئناف، مسوق لبيان مآل دعائه المذكور، وتقرير كونه ضلالًا بعيدًا، وإيراد صيغة التفضيل، مع خلوه عن النفع، بالكلية، للمبالغة في تقبيح حاله، والإمعان في ذمه. والظاهر أن اللام زائدة. و ﴿من﴾ مفعول ﴿يدعو﴾، و ﴿ضره﴾ مبتدأ و ﴿أقرب﴾ خبره، والجملة صلة ﴿من﴾ الموصولة، ويؤيده القراءة بغير اللام؛ أي: يعبد من ضره بكونه معبوداً؛ لأنه يوجب القتل في الدنيا، والعذاب في الآخرة - أقرب من نفعه، الذي يتوقع بعبادته في زعمهم، وهو الشفاعة والتوسل إلى الله. فإيراد كلمة (من) وصيغة التفضيل تهكم به، والجملة القسمية حينئذٍ مستأنفة، ويؤيِّد هذا الوجه قراءة عبد الله ﴿يدعو من ضره﴾ بإسقاط اللام. وقيل: إن يدعو بمعنى: يسمي، ومفعوله الثاني محذوف، واللام زائدة، تقديره: أي: يدعو ويسمي من ضره أقرب من نفعه إلهًا، وجملة القسم حيئنذٍ مستأنفة. فإن قلت: نفى (٢) سبحانه الضر والنفع عن الأصنام،

(١) روح البيان.
(٢) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon