﴿يَأْتُوكَ﴾ يا إبراهيم، جواب للأمر، والخطاب لإبراهيم. وقال: ﴿يأتوك﴾ وإن كانوا يأتون البيت؛ لأن من أتى الكعبة حاجًّا.. فكأنه قد أتى إبراهيم؛ لأنه مجيب ندائه، أو الكلام على حذف مضاف؛ أي: يأتوا بيتك، كما في "الكرخي"؛ أي: يأتوا البيت الذي بنيته حالة كونهم. ﴿رِجَالًا﴾؛ أي: مشاة على أرجلهم - جمع راجل - كقيام جمع قائم - وقدم الرجال على الركبان في الذكر؛ لزيادة تعبهم بالمشي. وعبارة "الفتوحات" هنا: وقدم الراجل لفضله، إذ للراكب بكل خطوة سبعون حسنة، وللراجل سبع مئة من حسنات الحرم، كل حسنة مئة ألف حسنة، وإبراهيم وإسماعيل حجا ماشيين، اهـ "كرخي".
﴿وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ﴾ معطوف على ﴿رِجَالًا﴾؛ أي: يأتونك حالة كونهم مشاة على أرجلهم، وركباناً على كل بعير ضامر؛ أي: مهزول أتعبه بُعدُ السفر. ﴿يَأْتِينَ﴾ تلك الضوامر، صفة لضامر باعتبار المعنى؛ لأن المعنى على ضوامر من جماعة الإبل يأتين. ﴿مِنْ كُلِّ فَجٍّ﴾؛ أي: طريق واسع ﴿عَمِيقٍ﴾؛ أي: بعيد.
وقرأ الجمهور (١): ﴿رِجَالًا﴾ بكسر الراء مع التخفيف. وقرأ ابن أبي إسحاق ﴿ورجالا﴾ بضم الراء وتخفيف الجيم، وروي كذلك عن عكرمة والحسن وأبي مجلز، وهو اسم جمع كـ: ظُؤار.
وروي عنهم وعن ابن عباس ومجاهد وجعفر بن محمد بضم الراء وتشديد الجيم، ﴿رُجَّالا﴾ وعن عكرمة أيضًا ﴿رَجَالى﴾ على وزن النعامى بألف التأنيث المقصورة. وقرأ مجاهد ﴿رُجالى﴾ على وزن فعالى مثل كُسالى. وقرأ الجمهور: ﴿يأتين﴾ بضمير الإناث اعتبارًا بمعنى الضامر. وقرأ عبد الله وأصحابه والضحاك وابن أبي عبلة ﴿يأتون﴾ على أنه صفة لرجالًا. وقر ابن مسعود ﴿معيق﴾ وهو بمعنى (٢): بعيد يقال: بئر بعيدة العمق والمعق بمعنى.
والمعنى: أي وقلنا له: ناد الناس داعيًا لهم إلى الحج، وزيارة هذا البيت،
(٢) البيضاوي.