الجنة فرأى المصلوب فيها في أعلى عليين فإذا مناد ينادي حلمي على الظالمين أحل المظلومين في أعلى عليين.
واعلم: أن الله تعالى يدفع في كل عمر مدبرًا بمقبل، ومبطلًا بمحق، وفرعونًا بموسى، ودجالًا بعيسى، وأبا جهل بمحمد، فلا تستبطىء ولا تتضجر.
والخلاصة: أن الله سبحانه لقوي على نصر من جاهد في سبيله من أهل طاعته، منيع في سلطانه، لا يقهره قاهر، ولا يغلبه غالب. ونحو الآية قوله: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢١)﴾
٤١ - والموصول (١) في قوله: ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ في موضع نصب صفة لـ ﴿مِن﴾ في قوله: ﴿مَنْ يَنْصُرُهُ﴾ قاله الزجاج، وقال غيره هو في موضع جر صفة لقوله: ﴿لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ﴾. وقيل: المراد بهم المهاجرون والأنصار والتابعون لهم بإحسان. وقيل: أهل الصلوات الخمس. وقيل: ولاة العدل، وقيل غير ذلك. وفيه إيجاب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر على من مكنه الله في الأرض، وأقدره على القيام بذلك.
أي: ولينصرن الله الذين إن مكناهم في الأرض، وأعطيناهم زمام الأحكام. ﴿أَقَامُوا الصَّلَاةَ﴾ لتعظيمي؛ أي: أدوها بحقوقها، وشرائطها. قال الراغب (٢): كل موضع مدح الله بفعل الصلاة، أو حث عليه ذكر بلفظ الإقامة، ولم يقل المصلين، إلا في المنافقين، نحو ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤)﴾ وإنما (٣) خص لفظ الإقامة تنبيهًا على أن المقصود من فعلها، توفية حقوقها وشرائطها، لا الإتيان بهيأتها فقط، ولهذا روى أن المصلين كثير والمقيمين لها قليل. ﴿وَآتَوُا الزَّكَاةَ﴾ لمساعدة عبادي؛ أي: أدوا وأعطوا زكاة أموالهم في مصارفهما. ﴿وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ﴾؛ أي: بكل ما عرف حسنه شرعًا، وعرفًا من التوحيد وأصناف الواجبات، والمندوبات. ﴿وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ﴾؛ أي: عن كل ما استقبحه الشرع
(٢) روح البيان.
(٣) روح البيان.