﴿وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ﴾؛ أي: والمشركون معرضون عن التفكر في تلك الآيات الدالة على وحدانيتنا وعظيم قدرتنا وإحاطة علمنا.
٣٣ - السادس: ما ذكره بقوله: ﴿وَهُوَ﴾ سبحانه وتعالى الإله ﴿الَّذِي خَلَقَ﴾ وأوجد لكم ﴿اللَّيْلَ﴾ الذي هو (١) ظل الأرض، لتسكنوا فيه ﴿وَالنَّهَارَ﴾ الذي هو ضوء الشمس، لتتصرفو في معايشكم ﴿و﴾ خلق ﴿الشمس﴾ الذي هو كوكب مضيء نهاري، وجعلها آية النهار ﴿وَالْقَمَرَ﴾ الذي هو كوكب مضيء ليلي، وجعله آية الليل؛ أي: خلقهما، لتعلموا عدد السنين والحساب، كما مرّ بيانه في سورة الإسراء؛ أي: فالله سبحانه وتعالى، هو الذي أوجد هذه الأشياء، وأخرجها من العدم إلى الوجود دون غيره، فله القدرة الكاملة، والحكمة الباهرة ﴿كُلٌّ﴾؛ أي: كل واحد من الشمس والقمر والنجوم. والتَّنوين (٢) فيه عوض عن المضاف إليه؛ أي: كلهم، والضمير للشمس والقمر، والمراد بهما: جنس الطوالع. وجمع جمع العقلاء للوصف بفعلهم، وهو السباحة، وحسَّن ذلك. كونه جاء فاصلة رأس آية. وهو مبتدأ، وقوله: ﴿فِي فَلَك﴾ متعلق بـ ﴿يَسْبَحُونَ﴾ الواقع خبرًا عن المبتدأ؛ أي: كل من الشمس والقمر والنجوم يسبحون في ذلك على حدة؛ أي (٣): يجرون ويسيرون بسرعة كالسابح في الماء، والفلك مدار النجوم الذي يضمها، وهو في كلام العرب، كل شيء مستدير، وجمعه أفلاك. وقيل: الفلك طاحونة، كهيئة فلك المغزل، يريد: أن الذي تجري فيه النجوم، مستدير كاستدارة الرحى. وقيل: الفلك: السماء الذي فيه ذلك الكوكب، فكل كوكب يجري في السماء الذي قدر فيه، قال الراغب: الفلك مجرى الكواكب، وتسميته بذلك، لكونه كالفلك.
والمعنى (٤): أن الكواكب يجرون في سطح الفلك، كالسبح في الماء، فإن السبح المرور السريع في الماء، أو في الهواء، واستعير لمرور النجوم في الفلك، كما في "المفردات" ويفهم منه: أن الكواكب مرتكزة في الأفلاك، ارتكاز فض
(٢) النسفي.
(٣) الخازن.
(٤) روح البيان.