إلى المكونات، وخشوع الروح استغراقه في بحر المحبة، وذوبانه عند تجلي صفة الجمال والجلال، انتهى. وفي "الصاوي": ﴿خَاشِعُونَ﴾؛ أي: ظاهرًا وباطنًا، فالخشوع الظاهري: التمسك بآداب الصلاة، كعدم الالتفات، والعبث، وسبق الإِمام ووضع اليد في الخاصرة، وغير ذلك، والخشوع الباطن: استحضار عظمة الله، وعدم التفكر بأمر دنيوي، انتهى.
وروى الحاكم أن النبي - ﷺ - كان يصلي رافعًا بصره إلى السماء، فلما نزلت هذه الآية، رمى ببصره إلى نحو مسجده؛ أي: موضوع سجوده.
والخشوع واجب على المرء في الصلاة، لوجوه:
١ - للتدبر فيما يقرأ، كما قال: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (٢٤)﴾، والتدبر لا يكون بدون الوقوف على المعنى، كما قال: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾؛ أي: لتقف على عجائب أسراره، وبديع حكمه وأحكامه.
٢ - لتذكر الله والخوف من وعيده؛ كما قال: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾.
٣ - أن المصلي يناجي ربه، والكلام مع الغفلة ليس بمناجاة ألبتة، ومن ثم قالوا: صلاة بلا خشوع جسد بلا روح، وجمهور العلماء على أن الخشوع ليس شرطًا للخروج من عهدة التكليف وأداء الواجب، وإنما هو شرط لحصول الثواب عند الله، وبلوغ رضوانه.
٣ - والثالث: الإعراض عن اللغو، وذكره بقوله: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ﴾؛ أي: عما لا يعنيهم من الأقوال والأفعال ﴿مُعْرِضُونَ﴾؛ أي: مجتنبون عنه في جميع الأوقات، غير ملتفتين إليه؛ أي (١): الذين هم تاركون لما لا حاجة إليه في أمور الدين والدنيا، من الأقوال والأفعال في عامة أوقاتهم، قال الزجاج: واللغو هو كل باطل ولهو وهزل ومعصية، وما لا يجمل من القول والفعل، انتهى. والمراد به (٢): كل ما لا يعود على الشخص منه فائدة في الدين، أو الدنيا، قولًا أو فعلًا مكروهًا أو مباحًا، كالهزل واللعب، وضياع الأوقات فيما لا يعني، والتوغل في
(٢) الصاوي.