سورة أنزلناها، أو اتبعوا سورة أنزلناها أو على الإغراء؛ أي: دونك سورة أنزلناها. قاله الزمخشري.
وسورة القرآن (١) طائفة منه محيطة بما فيها من الآيات والكلمات والعلوم والمعارف، مأخوذة من سور المدينة، وهو حائطها المشتمل عليها، وإنما أشير إليها فى قولنا هذه سورة مع عدم سبق ذكرها؛ لأنها باعتبار كونها فى شرف الذكر فى حكم الحاضر المشاهد، والتنكير مفيد للفخامة من حيث الذات، كما فى قوله: ﴿أَنْزَلْنَاهَا﴾: مفيد لها من حيث الصفة؛ أي: أنزلنا إليك من عالم القدس بواسطة جبريل، أو أعطيناكها أيها الرسول.
﴿وَفَرَضْنَاهَا﴾: قرأ الجمهور يتحفيف الراء؛ أي: أوجبنا (٢) ما فيها من الأحكام إيجابًا قطعيًا، وألزمناكم العمل بها، فإن أصل الفرض قطع الشيء الصلب، والتأثير فيه، كقطع الحديد. وقيل معناه: قدرنا ما فيها من الحدود. وقيل: أوجبناها عليكم، وعلى من بعدكم إلى يوم القيامة، وفيه من الإيذان بغاية وكادة الفرضية ما لا يخفى.
وقرأ (٣) عبد الله وعمر بن عبد العزيز ومجاهد وقتادة وأبو عمرو وابن كثير بتشديد الراء لتأكيد (٤) الإيجاب، أو لكثرة الفرائض فيها، كالزنا والقذف واللعان والاستئذان وغض البصر وغير ذلك.
﴿وَأَنْزَلْنَا فِيهَا﴾؛ أي: فى تضاعيف السورة وأثنائها ﴿آيَاتٍ﴾ نيطت بها الأحكام المفروضة، كما هو الظاهر، لاجميع الآيات ﴿بَيِّنَاتٍ﴾؛ أي: واضحات الدلالة على أحكامها المفروضة، لتكون لكم أيها المؤمنون قبسًا ونبراسًا. وقيل معنى: ﴿وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾؛ أي: أمثالًا (٥) ومواعظ وأحكامًا ليس فيها مشكل يحتاج إلى تأويل.
(٢) الخازن.
(٣) البحر المحيط.
(٤) أبو السعود.
(٥) البحر المحيط.