الفواجر. ومعنى الثانية، وصف الزانية بكونها غير مرغوب فيها للأعفاء، ولكن للزناة. وهما معنيان مختلفان.
وعن عمرو بن عبيد ﴿لَا يَنْكِحُ﴾ بالجزم على النهي، والمرفوع فيه معنى النهي. ولكن هو أبلغ وآكد، كما أن رحمك على ذلك، وعلى المؤمن أن لا يدخل نفسه تحت هذه العادة، ويتصون عنها، انتهى.
﴿وَحُرِّمَ ذَلِكَ﴾؛ أي: نكاح الزواني والمشركات. وقيل: الضمير يعود للزنا. قاله الفراء. ذكره ابن الجوزي. ﴿عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ لما فيه من التشبه بالفسقة، والتعرض للتهمة، والتسبب بسوء المقالة، والطعن في النسب، وغير ذلك من المقاصد اللاتي لا تكاد تليق بأحد من الأداني والأراذل، فضلًا عن المؤمنين، ولذلك عبر عن كراهة التنزيه بالتحريم مبالغة في الزجر. والحكم إما مخصوص بسبب النزول، أو منسوخ بقوله تعالى: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ﴾ فإنه متناول للمسافحات. وبقوله: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ﴾ ويؤيده ما روي أنه عليه الصلاة والسلام سئل عن ذلك فقال: "أوله سفاح وآخره نكاح" والحرام لا يحرم الحلال.
وفي الآية إشارة إلى الحذر عن أخدان السوء، والحث على مخالطة أهل الصحبة والأخدان في الله تعالى، فإن الطبع من الطبع يسرق، والمقارنة مؤثرة، والأمراض سارية. وفي الحديث: "لا تسكنوا مع المشركين، ولا تجامعوهم، فمن ساكنهم أو جامعهم فهو منهم وليس منا"؛ أي: لا تسكنوا مع المشركين في المسكن الواحد، ولا تجامعوا معهم في المجلس الواحد، حتى لا تسري إليكم أخلاقهم، وسيرهم القبيحة بحكم المقارنة، وللناس أشكال، وكل يطير بشكله، وكل مساكن مثله، كما قال قائلهم:

عَنِ الْمَرْءِ لاَ تَسْأَلْ وَأَبْصِرْ قَرِيْنَهُ فَإِنَّ الْقَرِيْنَ بِالْمُقَارَنِ يَقْتَدِيْ
فأما أهل الفساد فالفساد يجمعهم، وإن تناءت ديارهم، أما أهل السداد، فالسداد يجمعهم وإن تباعد مزارهم، ومن بلاغات الزمخشري "لا ترض لمجالستك إلا أهل مجانستك"؛ أي: لا ترض أن تكون جليس أحد من غير


الصفحة التالية
Icon