والمراد بالمحصنات هنا (١): الأجنبيات؛ لأن رمي الأزواج؛ أي: النساء الداخلات تحت نكاح الرامين حكمه سيأتي، وتخصيص المحصنات لشيوع الرمي فيهن، وإلا فقذف الذكر والأنثى سواء في الحكم المذكور.
وبيان حكم الآية (٢): أن من قذف محصنًا، أو محصنة بالزنا، فقال له أو لها: يا زاني أو يا زانية، أو زنيت، أو يا ابن الزاني، يا ابن الزانية، أو يا ولد الزنى، أو لست لأبيك، ويا ابن فلان.. فيجب عليه جلد ثمانين إن كان القاذف حرًا، وإن كان عبدًا يجلد أربعين، وإن كان المقذوف غير محصن فعلى القاذف التعزير. وأجمعوا على أن شرائط إحصان القذف خمسة: الحرية والبلوغ والعقل والإِسلام والعفة من الزنا، حتى لو زنى في عمره مرة واحدة، ثم تاب وحسنت توبته بعد ذلك، ثم قذفه قاذف، فلا حدّ عليه، فإن أقر المقذوف على نفسه بالزنا، أو أقام القاذف أربعة شهود يشهدون عليه بالزنا، سقط الحد عن القاذف؛ لأن الحد إنما وجب عليه لأجل الفرية وقد ثبت صدقه.
وأما الكنايات في القذف، مثل أن يقول: يا فاسق، أو يا فاجر، أو يا خبيث، أو يا مؤاجر، أو يقول امرأتي لا ترد يد لامس، فهذا ونحوه لا يكون قذفًا إلا إذا أراد بذلك القذف. وأما التعريض، مثل أن يقول: أما أنا فما زنيت، أو ليست امرأتي زانية، فليس بقذف عند الشافعي وأبي حنيفة. وقال مالك: يجب فيه الحد. وقال أحمد: هو قذف في حال الغضب، دون حال الرضا.
والقذف (٣) بغير الزنا مثل أن يقول: يا شارب الخمر، يا آكل الربا يا نصراني، يا يهودي، يا مجوسي، فيوجب التعزير، كقذف غير المحصن. وأكثر التعزير تسعة وثلاثون سوطًا وأقله ثلاثة؛ لأن التعزير ينبغي أن لا يبلغ أقل الحد أربعين جلدة وهي حد العبيد في القذف والزنا.
والفرق بين التعزير والحد: أن الحد مقدر، والتعزير مفوض إلى رأي
(٢) الخازن.
(٣) روح البيان.