هذا خروج من سابق الحكمة والفضل والرحمة. ومن ثم جعل شهادات كل منهما مع الجزم بكذب أحدهما، دارئة عند العقوبة الدنيوية. وإن كان قد ابتلي الكاذب منهما في تضاعيف شهادته بأشد مما درأه عن نفسه، وهو العقاب الأخروي.
تنبيه: وكررت (١) ﴿لولا﴾ في هذا السياق أربع مرات، لاختلاف الأجوبة فيها، إذ جواب الأول منها محذوف، تقديره: لفضحكم. وجواب الثاني مذكور، وهو قوله: ﴿لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾. وجواب الثالث محذوف، تقديره: لعجل لكم العذاب. وجواب الرابع مذكور. وهو قوله: ﴿مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا﴾.
قال ابن جرير الطبري: (١٨/ ٨٦) يقول تعالى ذكره: ولولا (٢) فضل الله عليكم أيها الناس ورحمته بكم، وأنه عواد على خلقه بلطفه وطوله، حكيم في تدبيره إياهم وسياسته لهم.. لعاجلكم بالعقوبة على معاصيكم، وفضح أهل الذنوب منكم بذنوبكم، ولكنه ستر عليكم ذنوبكم وترك فضيحتكم بها عاجلًا رحمة منه بكم، وتفضلًا عليكم، فاشكروا نعمه وانتهوا عن التقدم عما عنه نهاكم من معاصيه. وترك الجواب في ذلك، اكتفاء بمعرفة السامع المراد منه. اهـ.
الإعراب
﴿سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (١)﴾.
﴿سُورَةٌ﴾: خبر لمبتدأ محذوف، تقديره: هذه الآيات الآتي ذكرها. أو مبتدأ خبره محذوف، تقديره: فيما أوحينا إليك سورة أنزلناها. وسوغ الابتداء بالنكرة وصفها بجملة ﴿أَنْزَلْنَاهَا﴾ والجملة الاسمية مستأنفة. ﴿أَنْزَلْنَاهَا﴾: فعل وفاعل ومفعول، والجملة القعلية في محل الرفع صفة لـ ﴿سُورَةٌ﴾. ﴿وَفَرَضْنَاهَا﴾: فعل وفاعل ومفعول. والجملة الفعلية في محل الرفع، معطوفة على جملة ﴿أَنْزَلْنَاهَا﴾. وكذلك جملة ﴿وَأَنْزَلْنَا﴾ معطوفة على جملة ﴿أَنْزَلْنَاهَا﴾. ﴿فِيهَا﴾ متعلق بـ ﴿أنزلنا﴾. ﴿آيَاتٍ﴾:

(١) فتح الرحمن.
(٢) الطبري.


الصفحة التالية
Icon