والبديع:
فمنها: الإيجاز بالحذف في قوله تعالى: ﴿سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا﴾ حيث حذف المبتدأ أو الخبر. وأشير إليها بالمبتدأ المحذوف. مع عدم سبق ذكرها؛ لأنها باعتبار كونها في شرف الذكر في حكم الحاضر المشاهد.
منها: التنكير في سورة للتفخيم؛ أي: هذه صورة عظيمة الشأن جليلة القدر أنزلها الله سبحانه.
ومنها: الإطناب بتكرير لفظ أنزلنا في قوله: ﴿وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾؛ لإبراز كمال العناية بشأنها، وهو من باب ذكر الخاص بعد العام، للعناية والاهتمام به.
ومنها: التهييج والإلهاب في قوله: ﴿إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾؛ أي: التحريض وإثارة الغضب لله إلهاب الحفاظ لدين الله وحكمه. وكذا في قوله: ﴿وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ﴾ لما في النهي والشرط من التحريض، وإثارة المؤمنين على أن يتصلبوا في دينهم، وأن لا تأخذهم هوادة أولين، في تنفيذا أمرهم به، لاستيفاء حدوده.
ومنها: الحصر في قوله: ﴿إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً﴾؛ لأن ظاهر النظم يشعر بأن الزاني لا ينكح المؤمنة العقيفة، وأن الزانية لا ينكحها المؤمن التقي، ولما كان ذلك غير ظاهر الصحة، كان لا بد من حمل الأخبار على الأعم الأغلب، كما في قولك لا يفعل الخير إلا الرجل المتقي، وقد يفعل الخير من ليس بتقي.
ومنها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ﴾؛ لأن أصل الرمى القذف بالحجارة، أو بشيء صلب، ثم استعير للقذف باللسان، بجامع الإيذاء في كل، لكونه جناية بالقوَل، كما قال النابغة: وجرح اللسان كجرح اليد.
ومنها: صيغ المبالغة في قوله: ﴿غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ وقوله: ﴿تَوَّابٌ حَكِيمٌ﴾ فان فعولًا وفعيلًا وفعالًا من أوزان المبالغة، وكلها تفيد بلوغ النهاية في هذه الصفات.


الصفحة التالية
Icon