وقيل: إن هذه الآية مبنية على قوله تعالى: ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً﴾. فالخبيثات الزواني والطيبات العفائف. وكذا الخبيثون والطيبون.
والإشارة في قوله: ﴿أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ﴾ راجعة إلى الطيبين والطيبات؛ أي: أولئك الطيبون والطبيات، ومنهم صفوان وعائشة مبرؤون مما يقول الخبيثون من الرجال والخبيثات من النساء. وقيل: الإشارة إلى أزواج النبي - ﷺ - وقيل: إلى رسول الله - ﷺ - وعائشة وصفوان بن المعطل. وقيل: عائشة وصفوان فقط. قال الفراء: وجمع كما قال تعالى: ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ﴾ والمراد أخوان.
وقال في "الأسئلة المقحمة" (١): آية الإفك نزلت في عائشة وصفوان، فكيف ذكرها بلفظ الجمع؟ والجواب: لأن الشين وعار الزنا والمعرة بسببه تتعدى إلى رسول الله - ﷺ -؛ لأنه زوجها وإلى أبي بكر الصديق؛ لأنه أبوها، وإلى عامة المسلمين؛ لأنها أمهم، فذكر الكل بلفظ الجمع؛ أي: أولئك الموصوفون بعلو الشأن، يعني أهل البيت مبرؤون؛ أي: منزهون مما يقوله أهل الإفك في حقهم من الأكاذيب الباطلة في جميع الأعصار والأطوار إلى يوم القيامة. ﴿لَهُمْ﴾؛ أي: لأولئك المبرئين ﴿مَغْفِرَةٌ﴾ عظيمة لما لا يخلو عنه البشر من الذنوب التي اقترحوها من قبل. ﴿وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾؛ أي: كثير أو حسن عند ربهم في جنات النعيم.
روي: أن (٢) عائشة كانت افتخرت بأشياء أعطيتها لم تعطها امرأة غيرها:
منها: أن جبريل عليه السلام أتى بصورتها في سرقة حرير، وقال: هذه زوجتك. وروي أنه أتى بصورتها في راحته.
ومنها: أن النبي - ﷺ - لم يتزوج بكرًا غيرها، وقبض رسول الله - ﷺ - في حجرها وفي يومها ودفن في بيتها. وكان ينزل عليه الوحي وهي معه في اللحاف. ونزلت براءتها من السماء. وأنها ابنة الصديق وخليفة رسول الله - ﷺ -. وخلقت

(١) روح البيان.
(٢) الخازن.


الصفحة التالية
Icon