حول الشيء. ومنه الطواف بالبيت. كما سيأتي في مباحث الصرف. ومنه أيضًا الحديث في الهرة: "إنما هي من الطوافين عليكم والطوافات"؛ أي: هم خدمكم فلا بأس أن يدخلوا عليكم في غير هذه الأوقات بغير إذن؛ أي: يدخلون عليكم في المنازل غدوة وعشية بغير إذن، إلا في تلك الأوقات الثلاثة. والجملة مستأنفة مبينة للعذر المرخص في ترك الاستئذان.
ومعنى ﴿بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ أي: بعضكم يطوف، أو طائف، وهم المماليك والصغار على بعض، وهم الأحرار والكبار. وهذه (١) الجملة بدل مما قبلها، أو مؤكدة لها.
والمعنى: أن كلا منكم يطوف على صاحبه، العبيد على الموالي، والموالي على العبيد؛ أي: هم يطوفون عليكم للخدمة، وأنتم تطوفون عليهم للاستخدام. ولو كلفهم الاستئذان في كل طوفة؛ أي: في هذه الأوقات الثلاثة وغيرها.. لضاق الأمر عليهم. فلذا رخص لكم في ترك الاستئذان فيما وراء هذه الأوقات.
وقرأ ابن أبي عبلة (٢): ﴿طوافين﴾ بالنصب على الحال من ضمير عليهم. وقال الحسن: إذا بات الرجل خادمه معه، فلا استئذان عليه، ولا في هذه الأوقات الثلاثة. والإشارة في قوله: ﴿كَذَلِكَ﴾ إلى مصدر الفعل الذي بعده، والكاف صفة لمصدر محذوف.
﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ﴾؛ أي: يبين الله سبحانه وتعالى لكم أيها المؤمنين، الآيات الدالة على الأحكام تبيينًا كائنًا مثل تبيين هذه الآيات المذكورة هنا؛ أي: ينزلها مبينة واضحة الدلالات عليها. لا أنه تعالى بينها بعد أن لم تكن كذلك. ﴿وَاللَّهُ﴾ سبحانه وتعالى ﴿عَلِيمٌ﴾ أي: مبالغ في العلم بجميع المعلومات جليلها ودقيقها، فيعلم أحوالكم. ﴿حَكِيمٌ﴾ في جميع أفاعيله فيشرع لكم ما فيه صلاح أمركم معاشًا ومعادًا.

(١) الشوكاني.
(٢) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon