كان لا يأكل إلا مع ضيف، ومنه قول حاتم:
إِذَا مَا صَنَعْتِ الزَّادَ فَالْتَمِسِيْ لَهُ | أَكِيْلًا فَإِنِّي لَسْتُ آكُلُهُ وَحْدِيْ |
وقيل: نزلت في قوم من الأنصار، كانوا لا يأكلون إذا نزل بهم ضيف إلا مع ضيفهم. فرخص لهم أن يأكلوا كيف شاؤوا، جميعًا؛ أي: مجتمعين، أو أشتاتًا؛ أي: متفرقين. قال النسفي رحمه الله، دل قوله تعالى: ﴿جَمِيعًا﴾ على جواز التناهد في الأسفار، وهو إخراج كل واحد من الرفقة نفقة على قدر نفقة صاحبه؛ أي: على السوية. وقال بعضهم: في خلط المال ثم أكل الكل منه والأولى أن يستحل كل منهم غذاء كل، أو يتبرعون لأمين، ثم يتبرع لهم الأمين، اهـ. "من الروح".
ثم شرع سبحانه، يبين ما ينبغي رعايته، حين دخول البيت، بعد أن ذكر الرخصة فيه، فقال: ﴿فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا﴾ أي: فإذا دخلتم، أيها المؤمنون بيوتًا، من البيوت المذكورة، أو غيرها، مسكونة كانت، أو غير مسكونة ولو مسجدًا.
﴿فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ﴾ أي: فابدأوا (١) بالسلام على أهلها، الذين هم بمنزلة أنفسكم، لما بينكم وبينهم من القرابة الدينية، والنسبية الموجبة لذلك، فالله تعالى، جعل أنفس المسلمين، كالنفس الواحدة، على حد قوله تعالى: {وَلَا
(١) المرح.