أي: هلا أنزل إلى محمد - ﷺ - ملك من الملائكة على هيأته وصورته المباينة لصورة البشر والجن. ﴿فَيَكُونَ﴾ بالنصب بعد الفاء السببية الواقعة في جواب التحضيض.
قرأ الجمهور: بالنصب، وقرىء ﴿فتكون﴾ بالرفع، حكاه أبو معاذ عطفًا على ﴿أنزل﴾؛ لأن ﴿أنزل﴾ في موضع رفع، وهو ماض وقع موقع المضارع؛ أي: هلا ينزل إليه ملك، أو هو جواب التحضيض على إضمار هو؛ أي: فيكون ذلك الملك ﴿مَعَهُ﴾؛ أي: مع محمد - ﷺ - ﴿نَذِيرًا﴾؛ أي: منذرًا للناس مخوفًا لهم من عذاب الله تعالى، معينًا له في الإنذار، معلومًا صدقه بتصديقه.
٨ - ﴿أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ﴾ معطوف على ﴿أنزل﴾، ولا يجوز عطفه على ﴿فيكون﴾؛ أي: أو هلا يلقى إلى محمد - ﷺ - كنز ومال كثير من السماء، يستظهر به ويستغنى به عن المشي في الأسواق لتحصيل المعاش، والكنز: المال المكنوز؛ أي: المجموع المحفوظ.
﴿أَوْ﴾ هلا ﴿تَكُونُ لَهُ﴾؛ أي: لمحمد - ﷺ - ﴿جَنَّةٌ﴾ وبستان ﴿يَأْكُلُ مِنْهَا﴾ من ثمارها، ويعيش من غلته كما يعيش المياسير من الناس؛ أي: إن لم يلق إليه كنز، فلا أقل من أن يكون له بستان يتعيش بغلته كما لأهل الغنى والقرى.
قال صاحب "الكشاف": إنهم طلبوا أن يكون الرسول ملكًا، ثم نزلوا عن ملكيته إلى صحبة ملك يعينه، ثم نزلوا عن ذلك إلى كونه مرفودًا بكنز. ثم نزلوا فاقتنعوا بأن يكون له بستان يأكل ويرزق منه. اهـ.
وقرأ الجمهور (١): ﴿وتكون له جنة﴾ بالتاء الفوقية. وقرأ الأعمش وقتادة ﴿يكون﴾ بالتحتية؛ لأن تأنيث الجنة غير حقيقي. وقرأ حمزة والكسائي وزيد بن علي وابن وثاب وطلحة والأعمش: ﴿نَّأْكُلُ مِنْهَا﴾ بنون الجمع؛ أي: يأكلون هم من ذلك البستان فينفقون به في دنياهم ومعاشهم، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر: ﴿يَأْكُلُ مِنْهَا﴾ بياء الغيبة، يعنون الرسول - ﷺ -؛ أي: