فمنها: الإخبار بصيغة الماضي؛ لإفادة التحقيق والثبوت في قوله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١)﴾ كما أن ﴿قَدْ﴾؛ لإفادة التحقيق أيضًا.
ومنها: بر الاستهلال في هذه السورة؛ لأنها ذكرت أحوال المؤمنين، على جهة التفصيل. والتفصيل عندهم قسمان: متصل، ومنفصل. فالمتصل: كل كلام وقع فيه أما وأما كقوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ﴾ إلى آخر الكلام.
وأما المنفصل فهو ما يأتي مجمله في مكان ومفصله في مكان آخر كقوله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١)﴾ إلى قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥)﴾ إلى قوله تعالى: ﴿فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (٧)﴾. فإن قوله تعالى: ﴿وَرَاءَ ذَلِكَ﴾ إجمال المحرمات، وقد تقدمت مفسرة في سورة النساء بقوله تعالى: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ إلى قوله: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ فإن هذه الآية اشتملت على خمسة عشر محرمًا من أصناف النساء، وذوات الأرحام، وثلاثة عشر صنفًا ومن الأجانب صنفان.
ومنها: طباق الإيجاب بين قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢)﴾ وقولى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (٣)﴾ فقد جمع سبحانه للمؤمنين في هذا الوصف بين الفعل والترك، إذ وصفهم بالخشوع في الصلاة، وترك اللغو، وهذا كله من طباق الإيجاب المعنوي.
ومنها: التضمين في قوله: ﴿فَاعِلُونَ﴾؛ لأنه ضمن فاعلون معنى مؤدون، إذ لا يصح فعل الأعيان التي هي القدر المخرج من المزكي للمستحقين.
ومنها: الحصر في قوله: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (١٠)﴾؛ لأن ضمير الفعل يفيد الحصر.
ومنها: تقيد الوراثة بقوله: ﴿يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ﴾ بعد إطلاقها أولًا تفخيمًا لشأنها، ورفعًا لمحلها.
ومنها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: ﴿يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ﴾ حيث شبه


الصفحة التالية
Icon