والعائد محذوف اكتفاء بالعائد الأول، وهو ضمير منه لاستكمال شروط جواز حذفه، وهي اتحاد الحرف والمتعلق، وعدم قيامه مقام مرفوع، وعدم ضمير آخر، وقد أشار إليها ابن مالك بقوله:

كَذَا الَّذِيْ جُرَّ بِمَا الْمَوْصُوْلَ جَرّ كَمُرَّ بِالَّذِيْ مَرَرْتُ فَهُوَ بَرّ
هذا إذا جعلناها بمعنى الذي، فإن جعلناها مصدرًا، لم تحتج إلى عائد، ويكون المصدر واقعًا موقع المفعول؛ أي: من مشروبكم اهـ. "كرخي".
﴿وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (٣٤) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (٣٥) هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (٣٦)﴾.
﴿وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ﴾ ﴿الواو﴾: عاطفة. ﴿واللام﴾: موطئة للقسم، ﴿إن﴾: حرف شرط. ﴿أَطَعْتُمْ﴾: فعل وفاعل في محل الجزم بـ ﴿أن﴾ الشرطية على كونها فعل شرط لها. ﴿بَشَرًا﴾ مفعول به. ﴿مِثْلَكُمْ﴾: صفة له. ﴿إِنَّكُمْ﴾: ناصب واسمها. ﴿إِذًا﴾: حرف شرط غير جازم، بمعنى إن الشرطية، جيء بها لتأكيد مضمون الشرط، توكيدًا لفظيًا، من قبيل إعادة الشيء بمرادفه، والتنوين فيها عوض عن جملة شرطها المحذوفة، تقديره: إنكم إن أطعتموه.. لخاسرون، ولا جواب لها؛ لأنها إنما ذكرت.. لتأكيد ما قبلها. كذا في "الإتقان" للحافظ السيوطي. ﴿لَخَاسِرُون﴾ اللام حرف ابتداء. ﴿خاسرون﴾: خبر ﴿إن﴾. وجملة إن المكسورة، جواب القسم لا محل لها. وجملة القسم في محل النصب معطوفة على جملة قوله: ﴿مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ على كونها مقول ﴿قال﴾، وجواب إن الشرطية محذوف، دل عليه جواب القسم، تقديره: وإن أطعتم بشرًا مثلكم.. فإنكم إذًا لخاسرون، وجملة إن الشرطية في محل النصب مقول ﴿قال﴾ أيضًا، على كونها معترضة بين القسم وجوابه، ولا يصلح أن تكون جملة ﴿إن﴾ المكسورة جواب الشرط؛ لعدم وجود الفاء، وهذا جرى على القاعدة التي ذكرها ابن مالك في "الخلاصة":
وَاحْذِفْ لَدَى اجْتِمَاعِ شَرْطِ وَقَسَمْ جَوَابَ مَا أخَّرْتَ فَهْوَ مُلْتَزَمْ
﴿أَيَعِدُكُمْ﴾ (الهمزة): فيه للاستفهام الإنكاري. ﴿يعدكم﴾: فعل ومفعول به


الصفحة التالية
Icon