سلم من شائبة الغير، فالخالصة مصدر جاء على وزن فاعلة، كالعافية، والعاقبة، وهو بمعنى الخلوص، كما ذكره "الكرخي" ﴿فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ﴾ أصله: تمنّيوا بوزن تفعلوا من التمنّي، يقال: تمنّى يتمنّى تمنيًّا، وأمرُ الجماعة منه تمنّووا، وذلك أنّ المضارع لمّا بني منه الأمر، حذف حرف المضارعة ونون الرفع، فصار تمنّيوا، فتحركت الياء فقلبت ألفًا فالتقى ساكنان الألف وواو الجماعة، فحذفت الألف، ثمّ حركت الواو بالضمّ؛ لالتقائها ساكنة مع لام ال بعده؛ لأنّ همزة الوصل ساقطة في الدرج، ومعنى تمنوا الموت: تشوفوا، واجعلوا نفوسكم ترتاح إليه، وتودُّ المصير إليه ﴿وَأُشْرِبُوا في قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ﴾ والعجل: هو الذي صنعه لهم السامري من حليهم، وجعلوه إلهًا وعبدوه، ويقال: أشرب قلبه كذا؛ أي: حُلَّ محلَّ الشراب، كأنَّ الشيء المحبوب شراب يُساغُ، فهو يسري في قلب المحب، ويمازجه كما يسري الشراب العذب البارد في اللَّهاة، وحقيقة أُشْرِبَه كذا جعله شارِبًا له.
﴿وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ﴾ تجدنهم مضارع وجَدَ، وأصله: يَوْجِدُ من فَعَل بفتح العين في الماضي يفعِل بكسرها في المضارع، فهو مثالٌ وقعت الواو بين عدوَّتيها الياء المفتوحة والكسرة فحذفت، ثُمَّ بني الفعل على الفتح؛ لاتصاله بنون التوكيد المباشرة، وقس على هذا ما شابهه، ومادَّة. وجد مشتركٌ بين الإصابة، والعلم، والغنى، والحرج، ويختلف بالمصادر، كالوجدان، والوجد، والموجدة، والحرص شدَّة الطلب، وفي "المصباح": وحَرَص عليه حرصًا من باب ضرب إذا اجتهد، والاسم الحِرص بالكسر، وحرص على الدنيا من باب ضرب أيضًا، وحَرِص حرصًا من باب تعب إذا رغب رغبةً مذمومةً. اهـ.
﴿يَوَدُّ أَحَدُهُمْ﴾ من الود وهو المحبَّة للشيء والإيثار له، وهو مضارع وَدِدَ بكسر العين في الماضي، يَوْدَدُ بفتحها في المضارع من باب فَعِلَ يَفْعَلَ، نقلت حركة الدال إلى الواو، فسكنت، فأدغمت في الدال الثانية ﴿أَنْ يُعَمَّرَ﴾ من عمَّر المضعَّف، والتضعيف فيه للنقل، إذ هو من عَمَّر الرجل إذا طال عمره، وعمَّره الله إذا أطال عمره، والعمر مدَّةُ البقاء ﴿أَلْفَ سَنَةٍ﴾ والألف عشر من المئين، وقد يتجاوز فيه فيدلُّ على الشيء الكثير وهو من الألفة، إذ هو ما لَفَّ أنواعَ الأعداد، إذ العشرات ما لَفَّ الآحاد، والمئون ما لفَّ العشرات، والألف ما لفَّ المِئِين


الصفحة التالية
Icon